صحافة

مابين شوبان وشومان

بعد مداخلتي التي تساءلت فيها عن سر الاحتفاظ بعباس شومان والإصرار عليه كوكيل للأزهر وهو الذي كان مناصراً لمرسى والإخوان!!.

سافرت بعدها مباشرة إلى” بولندا” وهبطت فى مطار فريدريك شوبان بوارسو، وقد حفزني السجع اللغوي واجبرنى التقارب الزمني على المقارنة بين «شومان» و«شوبان»، وقلت هذا هو الفرق بيننا وبينهم، هنا يتحدون بـ«شومان» وهناك يتحدون بـ«شوبان»!!.

بولندا التي صارت سابع أقوى اقتصاد فى أوروبا تصعد بقوة الصاروخ رغم إصرارها على عملتها المحلية وعدم التعامل باليورو الذي كان من الممكن أن يجعلها مسنودة ومدعومة من دول الاتحاد الأوروبى.

 

{loadposition TOP3} 

 

عندما تهبط المطار فترى اسم «شوبان» يظللك ويتبعك ويترك بصمته على عينيك، ستعرف وتتأكد أن الفن هو رافد مهم وصانع نهضة جبار ومشارك فعال فى نهضة هذا البلد الجميل المتحدة، اعتزازهم بـ«شوبان» جعلهم يبنون له متحفاً فى أهم شوارع وارسو.

كل تفصيلة فى حياة «شوبان» من خطاباته إلى نوتاته الموسيقية إلى البايب والملابس، آخر بيانو عزف عليه موجود، بالطبع كل أعماله الموسيقية تسمعها إما فى اسطوانة زجاجية معزولة تسمع منها الموسيقى وكأنها تتغلغل فى وجدانك وتخترق مسامك، وإما فى حجرة بها عدة بيانوهات وأنت تختار بالضغط على الأزرار.

قبلها كنت قد استمعت إلى مقطوعة باسم فالس الربيع على اليوتيوب منسوبة إلى «شوبان» وعندما طلبت من الشابة المسؤولة عن حجرة سماع الموسيقى وهي لا تزيد على عشرين سنة، أخبرتني بأن تلك معلومة منتشرة بطريقة رهيبة ولكنها للأسف خاطئة.

اعطتني محاضرة عن أسلوب وطريقة «شوبان» فى التأليف الموسيقي والعزف المختلف تماماً عن أسلوب تلك المقطوعة، شرحت بكل حماس وانفعال و دراية واهتمام، وكأننى تلميذ فى الكونسرفتوار ولست مجرد زائر لمتحف وغير متخصص فى الموسيقى!.

شكرتها واتجهت إلى متحف آخر وهو متحف انتفاضة وارسو، حيث تمجيد كفاح الشعب والجيش البولندى ضد النازية الألمانية، ثم ضد الشيوعية السوفيتية، ستشاهد كيف سويت وارسو بالأرض، لم يعد عليها مبنى له شكل أو ملامح، خراب ومقابر، أشلاء ودماء، شعب لا يجد ما يأكله، يهرب فى المجارى من النازيين، يهود بولنديون يُحرقون ويُعدمون ويُعزلون فى جيتوهات ويضعون على أذرعهم علامة لتمييزهم حتى يسهل معرفتهم والقبض عليهم.

الأطفال البولنديون يحضرون يوم الأحد مجاناً إلى المتحف ليعرفوا تاريخ نضال بلادهم التي تحررت بدماء الملايين من أجدادهم، سألت موظفاً بولندياً فى متحف الانتفاضة، فقلت له ما هو إحساسك بجارتك ألمانيا التي غدرت بكم ودمرتكم وعذبتكم كل هذا العذاب، أليس لديك إحساس بالثأر؟!.

قال: أبداً نحن نسعى لكي نصبح مثل ألمانيا بل أفضل منها، فهي النموذج بالنسبة إلينا فى النهضة العلمية والتكنولوجية، الثأر لدينا نحن البولنديين هو الثأر بالعلم والتفوق العلمى وليس الثأر بالحرب والقتال، نحن نستفيد

من الماضي ولا نتحنط فيه

خالد منتصر –elwatannews

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى