أزمة أوكرانيا.. أميركا تتهم روسيا بالتمادي في التصعيد والكونغرس يعد “عقوبات ضخمة” ضدها وموسكو تنفي سعيها للحرب
اتهمت الولايات المتحدة روسيا بالتمادي في التصعيد عبر حشد المزيد من القوات على حدود أوكرانيا، وفي حين يعدّ مشرّعون بالكونغرس حزمة “عقوبات ضخمة” ضدها، قالت موسكو إنها لا تريد الحرب.
فقد قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) جون كيربي الأحد إن روسيا تواصل إلى الآن حشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا.
وأضاف كيربي -خلال مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” (Fox News)- أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه العديد من الخيارات لغزو أوكرانيا، ويمكنه تنفيذها بشكل وشيك.
وتابع أن بلاده وحلف شمال الأطلسي (ناتو) سيعززان قدراتهما الدفاعية والعسكرية شرقي أوروبا، مؤكدا أن واشنطن لا تزال تعتقد أن هناك مجالا للدبلوماسية مع روسيا بشأن أوكرانيا.
وبالتزامن، اتهمت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد الأحد روسيا بأنها مستمرة في التصعيد، وقالت إن اجتماع مجلس الأمن الدولي الاثنين بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية يمثل فرصة جديدة لإيجاد مخرج دبلوماسي لموسكو.
كما قالت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، إن بوتين حرّك مزيدا من القوات حتى بعد دعوة واشنطن لخفض التصعيد، مشيرة إلى اتصال هاتفي محتمل بين وزير الخارجية أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف خلال هذا الأسبوع.
وأضافت نولاند أن بلادها تلقت إشارات بأن روسيا مهتمة ببحث المقترحات المقدمة من الولايات المتحدة والناتو لحل الأزمة.
وتتهم الولايات المتحدة ودول غربية وأوكرانيا روسيا بنشر نحو 100 ألف جندي وأعداد كبيرة من الآليات ومنظومات صاروخية بينها منظومة “إس-400” (S-400) قرب حدود جارتها الغربية استعدادا لمهاجمتها.
لكن موسكو تنفي ذلك، وتعتبره مجرد دعاية غربية، وتتهم كييف -في المقابل- بالتحضير لعملية عسكرية ضد الانفصاليين الموالين لموسكو في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا).
في مقابل الحشد الروسي، استنفرت أوكرانيا جانبا من قواتها، وباشرت تدريبها على أسلحة حديثة، بينها صواريخ مضادة للدروع حصلت عليها من بريطانيا، كما أنها تقوم منذ أسابيع بتدريب المدنيين على استخدام السلاح تحسبا لمواجهة مع الروس.
“عقوبات ضخمة”
وبالتوازي مع الاتهامات الأميركية لموسكو بالاستمرار في التصعيد، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) بأن مشرّعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي يقتربون من الاتفاق على قانون لفرض حزمة عقوبات اقتصادية على روسيا إذا غزت أوكرانيا.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب منينديز، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” (CNN) الأحد إن لدى الحزبين تصميما على أن تكون العواقب شديدة على روسيا إذا غزت أوكرانيا.
وأضاف منينديز أن المشرعين يعملون حاليا للبناء على مشروعي قرارين يشملان عقوبات ضخمة ضد أهم البنوك الروسية لشل الاقتصاد.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن توعد روسيا بعقوبات قاسية في حال أقدمت على مهاجمة جارتها الغربية.
الانتشار الأطلسي
وفي تطور آخر، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد أن بلاده ستقترح خلال اجتماع للقادة العسكريين للحلف الأطلسي الأسبوع المقبل تعزيز الوجود العسكري للناتو في أوروبا، وذلك من خلال عملية انتشار عسكري واسعة لقوات الحلف وعتاده العسكري.
وقال جونسون إنه أصدر أمرا للجيش البريطاني بالاستعداد لنشر قوات في أوروبا الأسبوع المقبل لدعم الحلفاء في الناتو برا وبحرا وجوا.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني الأوضاع على الحدود الأوكرانية مع روسيا بالمثيرة للقلق، وحث روسيا على تفادي ما وصفه بغزو متهور وكارثي لأوكرانيا.
بدورها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إن الأولوية القصوى حاليا هي ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن غزو أوكرانيا، مؤكدة أنها لا تستبعد أي خيار على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بالدعم العسكري لكييف.
واستبعدت تروس إرسال قوات بريطانية للقتال في أوكرانيا، وقالت إن حكومة بلادها ستقدم تشريعا جديدا لتوسيع نطاق العقوبات التي يمكن أن تطبقها على روسيا لردعها عن أي اعتداء على أوكرانيا، مشيرة إلى أن العقوبات الإضافية يمكن أن تشمل مؤسسات مالية وشركات طاقة روسية ومقربين من الكرملين.
وبالتوازي مع التصريحات الأميركية والبريطانية بشأن تعزيز القدرات الأطلسية بشرق أوروبا، جدد الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ الأحد تأكيده أنه لا توجد خطط لدى الحلف لنشر قوات في أوكرانيا إذا حدث غزو روسي.
وجاءت تصريحات ستولتنبرغ غداة إطلاق الحلف مناورات عسكرية في إستونيا ستستمر حتى 9 فبراير/شباط المقبل.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن استبعدت بدورها إرسال قوات لأوكرانيا في حال الغزو الروسي، لكنها وضعت آلاف الجنود في حالة تأهب تحسبا لإرسالهم إلى شرقي أوروبا في حال قام الناتو بتفعيل قوة التدخل السريع التابعة له.
موسكو: لا نريد الحرب
في المقابل، قال سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف الأحد إن بلاده لا تريد الحرب مع أوكرانيا.
وأضاف باتروشيف خلال فعالية شعبية أن الغرب يروج للحرب لتحقيق أهدافه الخبيثة، على حد وصفه.
بدوره، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأحد من أن انضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي -مثلما يريد الحلف- سيدمّر علاقات روسيا بالغرب.
وأكد لافروف أن موسكو تعمل للحصول من الغرب على ضمانات أمنية مكتوبة قانونية وملزمة وليست شفهية، مجددا رفض روسيا البقاء في وضع يتم فيه انتهاك أمنها القومي بشكل يومي، وفق تعبيره.
وكانت موسكو انتقدت رد كل من واشنطن والناتو على الضمانات التي طلبتها، والتي تتعلق بعدم توسع الناتو شرقا، وخفض القوات الغربية بشرق أوروبا.
حراك دبلوماسي
في هذه الأثناء، وبالتوازي مع التحشيد العسكري شرقي أوروبا، يتواصل الحراك الدبلوماسي لمنع حرب محتملة بين أوكرانيا وروسيا.
فمن المقرر أن يتوجه وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان ليز تروس وبن والاس إلى موسكو لإجراء محادثات مع نظيريهما الروسيين.
كما أعلن كل من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك أنهما سيزوران كييف يومي 7 و8 فبراير/شباط المقبل.
وقالت بيربوك إن باريس وبرلين تعملان على نزع فتيل التصعيد العسكري في إطار ما تسمى بصيغة “نورماندي” التي تضم ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا.
وفي كييف، قال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إنه إذا كانت موسكو جادة بأنها لا تريد حربا فعليها سحب قواتها المحتشدة قرب الحدود.
وفي خضم التوترات الحالية، قالت الخارجية الكندية الأحد إنها ستسحب مؤقتا موظفيها غير الضروريين من سفارتها في أوكرانيا.
اتهامات الانفصاليين
ميدانيا، أعلن الانفصاليون الموالون لروسيا أن الجيش الأوكراني واصل تعزيز قواته في مناطق التماس وخرق جنوده وقف إطلاق النار 3 مرات خلال الـ24 ساعة الماضية.
واتهم الانفصاليون الجيش الأوكراني بإطلاق قذائف باتجاه 3 قرى قريبة من خط التماس جنوب غربي دونيتسك، وأعلنوا إصابة مدني بجروح جراء تعرضه لنيران قناص.