التربية الجنسية… قوميو بولندا يحاربون العلم والوعي
في بلاد “كاثوليكية” بامتياز، مثل بولندا، لا يبدو من السهل إدخال تعديلات على القوانين أو استحداث أخرى قد يرى فيها المتديّنون مساساً بهم وبجوهر إيمانهم، وإن كانت لا تتعلّق مباشرة بالدين
يستمرّ السجال في بولندا ما بين الكنيسة الكاثوليكية وحكومة القوميين المتشددين، حزب “القانون والعدالة”، من جهة، ومن أخرى المعارضة في اليسار ويسار الوسط وبعض الرأي العام البولندي، وذلك وسط انتقادات حادة يوجهها الاتحاد الأوروبي إلى حكومة وارسو على خلفية قوانين ومشاريع قوانين يراها المعسكر الثاني تنتهك الأسس الديمقراطية ومبادئ الاتحاد الأوروبي فيما يراها المعسكر الأول “محافظة على قيم المجتمع البولندي المسيحية”. وعلى خلفية ذلك السجال، شهدت شوارع العاصمة وارسو وعدد من المدن الأخرى، خروج عشرات الآلاف في تظاهرات للاحتجاج على مشروع قانون يجرّم تعليم مادة التربية الجنسية في مدارس البلاد ويقضي بمعاقبة المدرّس الذي يجرؤ على ذلك بالسجن حتى ثلاثة أعوام.
ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من فوز حقّقه الحزب القومي الشعبوي المتشدد “القانون والعدالة” في الانتخابات العامة التي أجريت يوم الأحد 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بزعامة ياروسلاف كاتشينسكي، علماً أنّ المشاركة في الانتخابات سجّلت 62 في المائة فيما حصل الحزب المتشدد على 45 في المائة من الأصوات مستنداً إلى خطاب ديني متشدد، لا سيّما في الأرياف، إلى جانب وعود بسياسات اجتماعية تعزّز من مكانته السياسية والبرلمانية وسلطته في مؤسسات الدولة المختلفة. وفي الفترة الأخيرة، تقدّم نواب عن الحزب بمقترح يقضي بمعاقبة من يستمرّ في تدريس مادة التربية الجنسية، علماً أنّ حركة شعبوية تقف خلف مشروع القانون تطلق على نفسها اسم “أوقفوا اشتهاء الأطفال”، وهي الحركة التي نشأت في خلال الصيف المنصرم على خلفية فضيحة كبيرة هزّت الكنيسة في أكثر البلدان الأوروبية تديّناً.
فقد كُشف النقاب عن اعتداءات جنسية ارتُكبت على قصّر طاولت 625 طفلاً دون الخامسة عشرة، على يد 382 كاهناً في نحو 10 آلاف أبرشية، ما بين 1990 و2018، بحسب ما أفادت صحيفة “دي فيلت” الألمانية في مارس/ آذار الماضي.
ناصر السهلي-العربي الجديد