بولندا تطالب روسيا بإعادة ترميم نصب تذكاري لمجزرة كاتين
طالبت بولندا السلطات الروسية بإعادة ترميم فوري لنصب تذكاري في غرب روسيا يُخلّد ذكرى أسرى الحرب البولنديين الذين قُتلوا في مجزرة كاتين على يد القوات السوفيتية خلال الحرب العالمية الثانية.

وقالت وزارة الخارجية البولندية إن وسام “فيرتوتي ميليتاري” – وهو أعلى وسام عسكري بولندي – ووسام حرب الدفاع لعام 1939 قد أُزيلا من شاهد قبر في مقبرة الحرب البولندية في قرية مدنويه، بأمر من النيابة العامة المحلية.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية البولندية، بافاو فرونسكي، يوم الإثنين، أن السفارة البولندية في موسكو قدّمت مذكرة احتجاج رسمية إلى وزارة الخارجية الروسية يوم الجمعة الماضي، أعربت فيها عن “الدهشة والاستياء الشديد من تدنيس النصب التذكاري”.
وأضاف فرونسكي:”نؤكد أن هذا ليس مجرد عمل تخريبي، بل إنها المرة الأولى التي تشارك فيها الدولة الروسية رسميًا في مثل هذا الفعل”.
وطالبت المذكرة بإعادة النصب التذكاري إلى حالته الأصلية فورًا، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مواقع دفن ضحايا الحرب والمضطهدين سياسيًا.
وأشار فرونسكي إلى اتفاقية موقعة عام 1994 بشأن مقابر الحرب والمواقع التذكارية، والتي تلزم الجانب الروسي بحماية المقابر البولندية والنُصب الواقعة على أراضيه، تمامًا كما تقوم وزارة الثقافة البولندية برعاية 35 مقبرة كبرى لجنود الجيش الأحمر، بالإضافة إلى عشرات المواقع الأخرى.
وأضاف:”بولندا لن تستخدم الموتى لخوض حرب في روسيا. هذه مسألة تتعلق بالمعايير الحضارية”.
وفي تلميح إلى إزالة وسام حرب 1939 – الذي يحمل تاريخي العدوانين الألماني والسوفيتي على بولندا (1 و17 سبتمبر) – قال فرونسكي إن هذا الإجراء:
“لن يُغيّر الحقيقة بأن الحرب بدأت آنذاك، وليس كما يُروّج في المجتمع الروسي على أنها بدأت في 22 يونيو 1941” – في إشارة إلى تاريخ غزو ألمانيا النازية للاتحاد السوفيتي.
تُعد مجزرة كاتين واحدة من أكثر الجرائم وحشية في التاريخ الحديث البولندي، حيث قامت قوات الـNKVD السوفيتية في ربيع عام 1940 بإعدام نحو 22 ألفًا من ضباط الجيش والشرطة والمثقفين البولنديين الذين أُسروا بعد الغزو السوفيتي لشرق بولندا في 1939.
ودُفن نحو 6,300 ضحية في مقابر جماعية في منطقة مدنويه، بينما نُفّذت عمليات الإعدام في مواقع أخرى منها غابة كاتين قرب سمولينسك وخاركيف في أوكرانيا.
ورغم أن الاتحاد السوفيتي أنكر مسؤوليته عن المجزرة لعقود، محمّلًا ألمانيا النازية المسؤولية، فقد اعترف رسميًا بمسؤوليته عنها في عام 1990.
لكن منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة، سعت الكرملين بشكل متزايد إلى طمس الرواية التاريخية، لا سيما بشأن غزو الاتحاد السوفيتي لبولندا في 17 سبتمبر 1939 بعد الغزو الألماني من الغرب، وكذلك بشأن الجرائم التي ارتُكبت بحق البولنديين مثل مجزرة كاتين.
ويُعتبر هذا الملف من أكثر القضايا حساسية في العلاقات البولندية الروسية، خاصة مع تصاعد التوترات بين البلدين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022