تاريخ “القبيلة الذهبية” لتتار بولندا المسلمين: “نحن أرنب سحب قبعته لمفاجأة العالم”
لقرون يبلغ قوام سنواتها 600 عام، عاش التتار في بولندا، فالإسلام ليس حديث العهد بهذه الدولة التي يتصاعد فيها نفوذ اليمين المتطرف ضد المسلمين.
في تقرير لـ”الجزيرة”، تتبعت الشبكة قصة وصول التتار إلى بولندا وكيف احتلوا مكانة بارزة في جيشها على مدار تاريخها وحروبها الكبرى منذ معركة “جرونوالد” في القرون الوسطى.
وعُرف التتار آنذاك بـ”القبيلة الذهبية” التي شكل شعبها البدوي الرحّال – من 1240 إلى 1502 – إمبراطورية كبرى امتد نفوذها من روسيا إلى شرق أوروبا.
غياب شمس “القبيلة الذهبية”.. وقتالها في صفوف الجيش البولندي
في العام 1395، أسرع قائد القبيلة الذهبية في ذلك الحين، توكتاميش، وجيشه التترى المسلم إلى الشمال الشرقي عبر سهول أوكرانيا الواسعة، غير متأكدين مما سيحدث.
كان جيش توكتاميش يهرب من ساحة معركة نهر تيريك، بحثًا عن الأمان بعد هزيمة مُذلة على يد ملك المغول التتري تيمورلنك، حاكم الإمبراطورية التيمورية.
كانت هذه بداية غياب طويل بالنسبة إلى القبيلة الذهبية، بعدما نجح توكتاميش في توحيدها لفترة وجيزة امتدت من 1381 إلى 1395.
كان الجيش يتجه إلى دوقية ليتوانيا الكبرى، التي كانت تحت حكم فيتاوتاس الكبير في فترة من التوسع الإقليمي الأكبر لإمبراطوريته.
في مقابل الحصول على الدعم العسكري في الحرب ضد تيمورلنك، قدم توكتاميش الحق لـ فيتاوتاس، ملك الرومان في حكم “كييف روس”، بما في ذلك موسكو.
و”كييف روس” كانت عبارة عن اتحاد فضفاض للقبائل الشرقية السلافية في أوروبا من أواخر القرن التاسع إلى منتصف القرن الثالث عشر.
تاريخيًا، ناضل التتار من أجل بولندا طوال 600 عام، بدايةً من معركة جرونوالد (المعروفة باسم الحرب البولندية الليتوانية التوتونية، إحدى أكبر حروب القرون الوسطى) حتى سبتمبر 1939 كوحدات تترية في الجيش البولندي.
في حين فشلت الحملة المشتركة لتوكاميتش وفيتاوتاس لاستعادة السيطرة على القبيلة الذهبية في نهاية المطاف، ظل جيش توكاميتش وذريتهم في دوقية ليتوانيا الكبرى. واستقروا في وسط البلاد والأراضي الحدودية للدولة، وأصبحوا مدافعين موالين لهم. وفي القرون التالية، شارك التتار في جميع المعارك الكبرى في المنطقة.
في عام 1385، شكلت دوقية ليتوانيا الكبرى وتاج مملكة بولندا اتحادًا تحول فيما بعد إلى الكومنولث البولندي الليتواني، الذي أصبح أكبر قوة مُهيمنة في المنطقة، فضلًا عن كونها أكبر القوى اكتظاظًا بالسكان في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
في النصف الثاني من القرن السابع عشر، دعا جون الثالث سوبيسكي، ملك بولندا ودوق ليتوانيا الكبير، التتار إلى القدوم إلى الأراضي الحدودية بين بولندا وليتوانيا.
وفي مقابل القتال إلى جانب الجيش البولندي الليتواني، مُنح التتار أراضي تمتد على نطاق 150 كيلومترًا حول مدينة بياليستوك، التي تسكنها ثقافات وأديان مختلفة، كما اليهود، والأرثوذكس البيلاروس، والكاثوليك.
المصدر : رصيف 22