لماذا تم إختيار جدة لعقد مؤتمر السلام في أوكرانيا .. توقيت هام ودولة متعددة الأقطاب !
بقلم رئيس الحرير – وسيم أبو حسن
إنطلقت يوم السبت الماضي محادثات السلام حول أوكرانيا في مدينة جدة السعودية ، بمشاركة 42 دولة على رأسها أوكرانيا والصين والولايات المتحدة إضافة الى دول أوروبية ومنها بولندا ، إضافة الى عدد من الدول العربية .
وأشارت المصادر المُنظمة لـ المؤتمر قبل إنعقاده بأن هذه الجولة هي جولة نقاش فقط ، ولا يمكن توقع الكثير منها ، لأنها ستناقش وجهات النظر المختلفة ، وخطة كييف للسلام التي تتضمن 10 نقاط رئيسية حددها سابقاً الرئيس الأوكراني لوقف الحرب ، ولن يصدر عنها نتائج أو قرارات ، خصوصاً وأن روسيا لم تحضر في هذه الإجتماعات
نجاح السعودية في تنظيم المؤتمر
وشهد المؤتمر الذي تم عقده في مدينة جدة السعودية حضور دول من مجموعة ” بريكس ” التي تعتبر مقربة من روسيا ، إضافة الى دول من مجموعة ” عدم الإنحياز ” ، ودول من الإتحاد الأوروبي ، والولايات المتحدة الأمريكية .
ويكمن النجاح السعودي في هذا المؤتمر عبر جمع الفرقاء الدوليين على طاولة واحدة لـ مناقشة القضية الأبرز على الساحة الدولية منذ عاميين ، والتي شهدت خلافات واسعة في وجهات النظر بين الحلف الأمريكي من جهة ، والحلف الروسي من جهة أخرى ، وتصوراتهم لـ آلية الحل ، أو أي إقتراحات لإنهاء الحرب .
وعلى الرغم من عدم وجود ممثلين لـ روسيا خلال المؤتمر ، فإن وجود الصين ودول أخرى من مجموعة ” بريكس ” كان كفيلاً بـ نقل وجهة النظر الروسية ، والاستماع الى وجهات نظر الاطراف الآخرى ، و نقلها الى الجانب الروسي ، وبذلك تم تفادي المواجهة المباشرة والمواقف المسبقة لكل من روسيا و أوكرانيا .
السعودية دولة متعددة الأقطاب
ويعود النجاح السعودي في تنظيم القمة الى سياستها التي اتبعتها منذ بداية الغزو الروسي لـ أوكرانيا ، والمسافة المتساوية التي وقفت عندها بين البلدين من حيث التعاطي السياسي مع الأزمة ، وسياسة تعدد الإقطاب التي تتبعها المملكة العربية السعودية منذ سنوات ، والتي سمحت لها ببناء علاقات جيدة مع مختلف الإقطاب السياسية الدولة ، وتوازن سياستها في علاقتها بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا .
فعلى الرغم من تأكيد المملكة على موقفها الداعم لـ الشرعية الدولية منذ اللحظة الأولى ، الا أنها أكدت بشكل مستمر وعبر تصريحات مسؤوليها على ضرورة التوصل الى حل سياسي ينهي الصراع ، كما كان للوساطة التي قامت بها المملكة العربية السعودية بين البلدين دور فعال آثمر عن عدد من الإتفاقات على رأسها اتفاق تبادل للأسرى بين الجانبين .
وفي الوقت الذي قامت فيه المملكة العربية السعودية بـ المشاركة بشكل فعال في الجهود الإنسانية وتقديم المساعدات لـ المجتمع الأوكراني ، سواء أكان داخل أوكرانيا أو في دول جوار أوكرانيا ، الا أنها لم تتورط بأي شكل من الأشكال في عمليات التسليح أو سير المعارك ، كما أن دورها الدبلوماسي كان يقتصر على الوساطة ، دون محاولة الضغط على أي من الجانبين .
كسر حالة الجمود في توقيت هام !
ويأتي انعقاد المؤتمر في وقت تشهد فيه الساحة السياسة الدولية حالة جمود فيما يخص الحرب الأوكرانية – الروسية ، خصوصاً بعد فشل جميع الوساطات السابقة ، سواء أكانت التي قام بها وفد الجامعة العربية ، أو الوفد الإفريقي ، وأيضاً الوساطة التركية ، مروراً بـ مؤتمر كوبنهاجن الذي لم يسفر عن أي نتائج تذكر .
كما ينعقد المؤتمر في وقت يتزايد فيه التصعيد بين الجانبين ، ما يهدد في إنتقال الحرب الى دول أخرى ، خصوصاً في شرق أوروبا ، وأيضاً تصاعد تأثيرات الحرب على دول العالم ، خصوصاً بعد قيام اوكرانيا ( للمرة الأولى ) بإستهداف ناقلة نفط روسية والذي تسبب في زيادة أسعار النفط عالمياً ، وفشل تجديد إتفاقية تصدير الحبوب ، كما وأيضاً تصاعد الهجمات الأوكرانية داخل روسيا .
نتائج المؤتمر
كان البيان الختامي لـ المؤتمر مقتضب ، وأشار الى أن المشاركين في المؤتمر أكدوا على أهمية مواصلة التشاور الدولي وتبادل الآراء بما يسهم في بناء أرضية مشتركة تمهد الطريق للسلام، كما أعربوا عن أهمية الاستفادة من الآراء والمقترحات الإيجابية التي تم بحثها في الاجتماع.
الا أن مصادر صحفية نقلت عن مشاركين في المؤتمر قولهم بأن الموقف الأوكراني خلال المؤتمر – وللمرة الأولى – كان أقل تشدداً مما سبق ، وقالت المصادر أن أوكرانيا أظهرت تساهلاً ملحوظاً في البند الأساسي في الخطة ، والذي ينص على ضرورة انسحاب روسيا من جميع الأراضي التي احتلتها ، قبل البدأ في أي محادثات سلام مباشرة ، وهو ما يعتبر إختراق كبير لـ المواقف الأوكرانية السابقة .
ومن المنتظر حالياً نقل نتائج المؤتمر الى الجانب الروسي ، لـ الرد عليه بشكل رسمي ، وربما لاحقاً تحديد موعد جولة أخرى من المحادثات التي قد تشهد حضور الوفد الروسي بشكل مباشر