بولندا سياسة

هل ينتهك الجدار الحديدي الذي تشيده بولندا على حدودها قواعد الاتحاد الأوروبي لحماية البيئة؟

قررت بولندا مؤخرا بناء جدار حديدي على طول حدودها مع بيلاروس، حيث تقول وارسو إن الستار الأمني يعتبر استجابة مبررة للأزمة التي تواجهها حيال تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين قادمين من بيلاروس واستقروا قرب حدود بولندا.

والخميس الماضي، بدأ مقاولون بولنديون يرافقهم جنود ببناء الجدار الذي تقدر قيمة تشييده بـ 353 مليون يورو في حين يبلغ ارتفاعه 5.5 متر ويمتد لمسافة تزيد على 180 كيلومتراً على طول المنطقة الحدودية مع بيلاروس، وتقدر قيمة المشروع بـ 1.6 مليار زلوتي (394 مليون دولار).

السياج الحديدي سيغطي ما يقرب من نصف إجمالي طول الحدود بين يبلاروس وبولندا

وتقول الحكومة البولندية إن السياج الحديدي الذي من المقرر أن يكتمل تشييده في حزيران/يونيو، سيغطي ما يقرب من نصف إجمالي طول الحدود بين يبلاروس وبولندا البالغ 418 كيلومترا سيُجهز بكاميرات وأجهزة كاشفة للحركة لمساعدة حرس الحدود على منع عمليات العبور المخالفة.

ماذا يقول المنتقدون ؟

ولكن يرى منتقدو الجدار والمدافعون عن البيئة أنه سيلحق الضرر بواحدة من آخر الغابات البكر في أوروبا، وهي غابة بيالويزا.

وضع غابة بيالويزا

يقع جزء من الغابة في بولندا ، وبعض المناطق مغطاة بشبكة من المناطق المحمية في أراضي الاتحاد الأوروبي، والتي تسمى” ناتورا 2000 ( Natura 2000)‏ بينما بينما يقع الباقي من الغابة في بيلاروس. وتعتبر غابة بيالويزا، التي تغطي ما يزيد على 1500 كيلو متر مربع، من بين الموقع التي أدرجتها اليونسكو كمواقع للتراث العالمي.

المشروع وقواعد حماية الطبيعة في الاتحاد الأوروبي

تتعرض الحكومة البولندية لانتقادات شديدة بسبب هرولتها لتنفيذ مشروع الجدار، “دون إيلاء الاعتبار الواجب لقواعد حماية الطبيعة في الاتحاد الأوروبي” كما يرى المنتقدون للمشروع.

خبراء يحذرون ويطالبون بوقف المشروع

وفي خطاب أرسل إلى المفوضية الأوروبية يوم الاثنين، دعا أكثر من 600 عالم وباحث المفوضية الأوروبية إلى “اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لوقف بناء الجدار على الفور”.

كما جاء في الرسالة أن “بناء الجدار سيخلق حاجزًا له عواقب وخيمة، مما يؤدي إلى انقطاع دائم في الاتصال بين الممرات البيئية الخاصة بشبكة المناطق المحمية في أراضي الاتحاد الأوروبي”.

رد الحكومة البولندية على الانتقادات

قالت وزارة البيئة والمناخ في 21 يناير/ كانون الثاني إن الحكومة تعهدت بأن أعمال البناء ستسعى جاهدة لتحقيق الحد الأدنى من التأثير على البيئة وأنه ” يتم تخصيص ممرات للحيوانات، يتم قطعها عند الضرورة القصوى ”

لكن الحكومة البولندية تقول إنها حريصة للغاية على بناء الجدار بسرعة حيث بدأت المعدات الثقيلة في التشغيل في الـ 25 يناير وأوضحت أيضا أن ” الجدار الذي يبلغ طوله 186 كيلومترًا، يشمل مسافة تقدر بـ 50 كيلومترًا يمتد فيها الجدار عبر متنزه غابة بيالويزا الوطني”.

قالت النائبة في البرلمان البولندي عن حزب الخضر، أورسولا زيلينسكا ، لموقع بوليتيكو: “آمل ألا يتم بناء الجدار أبدًا، وإذا حدث الأسوأ وسيتم بناؤه ، فسنريد تفكيكه بعد الانتخابات المقبلة”.

موقف المفوضية الأوروبية

وذكر موقع بولتيكو أن متحدثا اسم المفوضية الأوروبية شدد على أنه “يجب أن يخضع هذا النوع من المشاريع لتقييم مناسب تماشياً مع التوجيهات الأوروبية” مضيفا ” يمكن للسلطات الموافقة على المشروع إذا تم التأكد من أنه لن يكون له تأثير سلبي كبير على سلامة المواقع المعنية وبخاصة البيئية منها”.

الآثار السلبية للمشروع حسب الخبراء

يشعر الخبراء بالقلق من أن الآثار السلبية للمشروع لا مفر منها. وهم يعتقدون أنه “حتى إذا تم تثبيت مسارات خاصة للحيوانات، فإن الأنواع البرية المعرضة للخطر بالفعل مثل الذئاب والوشق ستكون في مواجهة خطر كبير ذلك أن الغابة تعد موطنًا أيضا لواحد من آخر مجموعات الثيران البرية في أوروبا” حسب ما ذكر موقع بولتيكو.

من جانبها، قدمت منظمة Naturalists ‘Club البولندية المدافعة عن البيئة شكوى إلى المفوضية الأوروبية في الخريف الماضي ، بحجة أن الجدار سينتهك توجيه بناء العمران داخل الاتحاد الأوروبي.

من الناحية النظرية، يمكن لبولندا أن تجادل بأن المشروع يقوم على تغليب المصلحة العامة، مما يسمح لوارسو بالتحايل على التوجيهات الأوروبية الخاصة ببناء المباني والجدران في الحالة البولندية. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية حسب ما نقل موقع بوليتيكو: “على السلطات أن تثبت أولاً عدم وجود بدائل أخرى مناسبة”.

جاء في رسالة الباحثين أن المشروع “يجب أن يخضع لتحليل موضوعي ومتعمق” كما أكدوا موقعو الرسالة أنه “بينما نفهم الحاجة إلى حماية سلامة حدود الاتحاد الأوروبي وإدراكنا للجوانب الأخرى للوضع على الحدود البولندية البيلاروسية، فإننا نتبنى وجهة نظر راسخة بأن هذا المشروع يجب أن يتم تنفيذه وفقًا لقانون الاتحاد الأوروبي”. كما أكدت الرسالة بالقول “لسنا بحاجة إلى بناء جدران في القرن الحادي والعشرين ، فهناك تقنية يمكن استخدامها لرصد الهجرة غير الشرعية إذا لزم الأمر، دون الإضرار بالبيئة”.

وفي شأن متصل، قضت محكمة العدل الأوروبية في نيسان/أبريل 2018 ، بأن بولندا انتهكت القوانين البيئية بقطع الأشجار فى غابة بيالويزا البولندية، كما أن المحكمة أوضحت فى حيثيات الحكم، أن بولندا أخفقت فى الوفاء بالتزماتها حيال حماية المواقع الطبيعية ذات الأهمية الخاصة. من جانبها، بررت بولندا قطع الأشجار بأن هذا الإجراء كان ضروريا لمكافحة انتشار خنفساء اللحاء، وقامت بتغيير وزير البيئة وأوقفت قطع الأشجار، كما أكدت أنها ستحترم حكم المحكمة.

 

يورو نيوز- بوليتيكو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى إيقاف مانع الإعلانات من المتصفح. موقع بولندا بالعربي يعتمد على ريع الإعلانات للإستمرار في تقديم خدماته شاكرين لكم تفهمكم