بولندا سياسة

وزير خارجية بولندا: لهذا السبب سقط الأسد وانهيار نظامه يهدّد الروس.

رادوسواف شيكورسكي الوضع في سوريا بأنّه ما زال غير واضح المعالم، قائلاً في حديث خاص لـ موقع "إرم نيوز" في آبو ظبي : "لقد تعاطفنا مع الشعب السوري عندما طالبوا في البداية بمزيد من الحرية في حياتهم وبحكومة أكثر شمولية، وتابعنا برعب الحرب الأهلية والفظائع والتدخلات الأجنبية".

 

أوضح شيكورسكي أنّ “بولندا لم تحدد موقفها بعد من المجموعة التي أزاحت الرئيس ، وبالتالي نتحفظ على حكمنا، فنحن نؤيد البيان الذي أصدره الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، لكنّنا بالتأكيد حزينون جداً على الضحايا الذين سقطوا جراء الحرب الأهلية، وآمل أن تتمكن سوريا من تحقيق الاستقرار وأن تبقى موحدة وأن تتوصل إلى تأليف حكومة جامعة”.

الاعتراف بالنظام الجديد

وعمّا إذا كانت وارسو ستعترف بالنظام الجديد في سوريا في المستقبل، قال: “نحن في بولندا لا نعترف بالحكومات، نحن نعترف بالدول، وبالتأكيد نحن نعترف بسوريا، ولدينا علاقات دبلوماسية معها، ونحن نأمل أن تتمّ تهيئة الظروف قريباً حتى يتمكن سفيرنا من العودة إلى دمشق”.

وتعليقاً على رحيل الأسد بتلك الطريقة، قال رأس الدبلوماسية البولدنية لـ”إرم نيوز”: “من الواضح أنّهم قلصوا دعمهم للأسد، ونتيجة لذلك سقط النظام، وأعتقد أنّ أثر ذلك سيكون جيّداً ليس فقط على سوريا بل أيضاً بالنسبة لأفريقيا لأنّ الروس كانوا يستخدمون قواعدهم في سوريا لفرض قوتهم وإرسال المرتزقة لتقويض الحكومات في أنحاء أفريقيا كلها، وآمل أن يكون ذلك الأسلوب العدواني قد قُوضت حركته الآن”.

جدار “الدرع الشرقي”

على صعيد آخر، تبني بولندا جداراً دفاعياً سُمي “الدرع الشرقي” على الحدود مع روسيا و، علاوة على تعزيز أمن حدودها مع أوكرانيا.

وردّاً على سؤال حول كيفية مساهمة هذا الجدار في الحفاظ على أمن بولندا قال شيكورسكي: “لسنوات عديدة كانت الحدود بين بولندا وبيلاروسيا دون حراسة ولم يكن هناك حاجز فعلي لأنّ حرس حدودنا وحرّاس بيلاروسيا كانوا يتعاونون معاً دون أيّ مشاكل”.

وأضاف: “الآن ثمّة عملية منظمة في كلّ من بيلاروسيا وروسيا، ونحن نعرف أنّه يتمّ تجنيد أشخاص في أفريقيا، في العراق، في أفغانستان، وفي الواقع في سوريا أيضاً، ويتمّ نقلهم إلى موسكو، ثمّ يتمّ نقلهم بالحافلات إلى بيلاروسيا وتدريبهم على كيفية عبور الحدود، وأيضاً على كيفية القتال مع حرس الحدود البولنديين، وقد قُتل أحد جنودنا”.

وتابع: “حتى وقت قريب، كان يتمّ استلامهم من قبل مهرّبي البشر على الجانب البولندي، وعادة ما يتمّ نقلهم إلى ألمانيا. إذاً نحن الآن نستكمل تجهيز السياج الحدودي وقد انخفض عدد محاولات العبور بنسبة 90%، وبالتالي فإنّ ذلك ليس مجرّد عملية تجارية، فنحن كنّا ضحية عدوان قامت به روسيا وبيلاروسيا عبر تجنيد المهاجرين”.

فرص السلام

وعمّا إذا كان الجدار يعني تلاشي فرص السلام مع روسيا، ردّ بالقول: “الأسوار وُضعت للحماية ونحن فقط نحمي أنفسنا من عدوان قادم من الخارج، أي من روسيا التي تحاول إعادة بناء الإمبراطورية الروسية”.

وأشار إلى أنّ “لدى روسيا معاهدات حدودية مع بولندا، ومعاهدة حدودية موثقة مع أوكرانيا، ورغم ذلك فقد عبرت تلك الحدود بالدبابات وغزت دولة مستقلة، وهي تحاول التأثير على سياسة أوروبا عن طريق فرض الهجرة الجماعية إلى الاتحاد الأوروبي، ولن نوافق على ذلك”.

خطر انقسام أوروبا

مؤخّراً وبعدما أصيبت بخيبة أمل من ألمانيا، تعيد بولندا توجيه سياستها الأمنية بالعمل مع الدول الإسكندنافية ودول البلطيق لمساعدة أوكرانيا، وسط تساؤلات ما إذا كانت أوروبا تواجه خطر الانقسام.

ردا على ذلك قال وزير خارجية بولندا لـ”إرم نيوز”: “لا أعتقد ذلك، فنحن جميعاً أعضاء في حلف شمال الأطلسي إذ تلعب أمريكا بالتأكيد دوراً قيادياً، كما أنّنا ننسّق سياستنا كاتحاد أوروبي، وقد استحدثنا للتو منصب مفوض الدفاع في الاتحاد الأوروبي وآمل أن نمنحه أموالاً طائلة، عشرات المليارات من اليورو، لإعادة بناء منظومة الدفاع الأوروبية”.

وأضاف: “نحن بصدد إعداد لواء معزّز ليكون قادراً على الرد الفوري، لقد كانت لدينا عمليات عسكرية تحت علم الاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي، وفي جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، وما إلى ذلك. لقد استمعنا إلى الرئيس (الأمريكي المنتخب) دونالد ترامب عندما قال إنّ على أوروبا أن تعمل أكثر للحفاظ على أمنها وذلك ما يحدث فعلًا”.

استفزاز روسيا

وعن موقفه من اعتبار روسيا أنّ ما أعلنته قمّة السويد مؤخراً لناحية “دعم إنتاج الأسلحة في أوكرانيا، وزيادة إمدادات الذخيرة، ودعم كييف في طريقها إلى عضوية الناتو والاتحاد الأوروبي”، أبرز الأسباب القوية لاستمرار الحرب، ردّ بالقول: “لقد بدأت روسيا الحرب لأنّها تريد أوكرانيا التي كانت إحدى مستعمراتها، وهي تريد إعادة السيطرة عليها. الشعب الأوكراني رفض ذلك ويقاتل بشجاعة، ونحن نساعدهم فقط”.

وتابع: “معظم دولنا في الأمم المتحدة صوّتت لإدانة ما تفعله روسيا، وذلك يفرض علينا اتخاذ تدابير مضادة ضدّ أيّ عمل عدواني، ومن ثم فإنّ أوكرانيا هي التي تحدّد ما إذا كانت تريد أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي وليس روسيا، وذلك ما يعنيه أن تكون دولة مستقلة”.

تأثير ترامب

وعمّا إذا كان الوضع سيكون مختلفاً في ما يخص أوكرانيا مع تولّي ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة، قال: “لدينا قانون دولي ينصّ على أنّه يُسمح لمن يقع ضحية لأيّ اعتداء أن يدافع عن نفسه عبر استخدام المعدات التي يوفرها له الأصدقاء والحلفاء، وآمل أن يقول ترامب للرئيس فلاديمير بوتين بصراحة وبالأسلوب المباشر الذي عُرف به، إنّ ما فعله كان خطأ إجرامياً فادحاً، وعليه أن ينهي تلك الحرب لأنّه يدمّر أوكرانيا، ويدمر روسيا أيضاً”.

واعتبر أنّ “أحد أسباب سقوط نظام الأسد هو أنّ روسيا أرسلت قواتها للقتال في أوكرانيا، لذا لم تعد قادرة على الاستمرار في دعم الأسد، وذلك يعني أنّ روسيا بدأت مواردها تنفد، ولم تعد قادرة على الاستمرار في ذلك الاحتلال الجائر”.

العلاقة مع الولايات المتحدة

ابتداءً من مطلع العام المقبل، تتولى بولندا الرئاسة الدورية، وحول دور وارسو المحتمل لتخفيف التوتّرات بين أوروبا والولايات المتحدة، قال شيكورسكي إنّ “الولايات المتحدة هي أكبر حليف وأكبر شريك تجاري لنا، وكلانا من أكبر المستثمرين المتبادلين في اقتصادات بعضنا البعض، ونعتقد أنّ العلاقة بيننا جيّدة للغاية ومفيدة للطرفين”.

وأضاف: “الولايات المتحدة لديها فائض في الخدمات مثل هوليوود ووسائل التواصل الاجتماعي، ونحن لدينا فائض في السلع، ما يعني أنّها علاقة متوازنة تقريباً. سنبدأ بمراجعة تلك العلاقة، وآمل أن يتوصل الرئيس ترامب إلى النتيجة نفسها”.

“نفعل أكثر ممّا طلب ترامب”

حث ترامب مراراً حلفاء الناتو على زيادة الإنفاق العسكري داعياً إلى تخصيص ما لا يقل عن 3 % من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع، فيما تنفق بولندا 4.7 % من ناتجها المحلي الإجمالي على جيشها.

في هذا السياق، اعتبر وزير خارجية بولندا أنّ ذلك يعزز مصداقية بولندا وقدرتها على إيجاد حل بين الناتو وترامب.

وقال: “نحن من أكثر الدول إنفاقاً في حلف الناتو مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فنحن ننفذ ما طلبه دونالد ترامب عندما كان رئيساً أوّل مرّة بل وأكثر، وأتوقع أن يتخذ بولندا كمثال يحتذى به”.

وختم بالقول: “الدفاع الأوروبي مهم أيضاً لأنّه لا يمكن أن يكون الدفاع عن بقية أوروبا محصوراً ببولندا فقط، بل يجب أن تكون الجهود أكثر توازناً، وعلينا أن نظهر لدونالد ترامب أنّنا استجبنا له وأنّنا نقوم بالخطوات الصحيحة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى إيقاف مانع الإعلانات من المتصفح. موقع بولندا بالعربي يعتمد على ريع الإعلانات للإستمرار في تقديم خدماته شاكرين لكم تفهمكم