السعودية وبولندا… شراكة استراتيجية واعدة تتعزز على كافة الأصعدة.
السفير سعد الصالح: العلاقات الثنائية تشهد ازدهاراً مستمراً... وأرامكو شريك رئيسي في تعزيز التعاون الاقتصادي مع وارسو.

في إطار السياسة الخارجية السعودية النشطة والمنفتحة، تواصل المملكة العربية السعودية تعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية المؤثرة، وفي مقدمتها جمهورية بولندا، التي تربطها بالمملكة علاقات دبلوماسية متميزة شهدت تطوراً ملحوظاً في مختلف المجالات خلال العقود الأخيرة.
وفي حوار خاص أجرته صحيفة «عكاظ» مع سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية بولندا، سعد الصالح، استعرض السفير أبرز محطات العلاقات الثنائية، وأهم مجالات التعاون، والفرص الاستثمارية المستقبلية، إضافة إلى الجوانب الثقافية والتنسيق السياسي في القضايا الإقليمية والدولية.
تاريخ طويل من التعاون المشترك
أوضح السفير الصالح أن العلاقات الرسمية بين البلدين انطلقت في 3 مايو 1995م، مشيراً إلى أن زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى بولندا عام 2007م شكّلت محطة مفصلية في مسار العلاقات، خاصة بعد مبادرته الإنسانية في تمويل عملية فصل التوأم السيامي البولندي عام 2005م. وأضاف أن تلك الزيارة تُوّجت بتبادل الأوسمة بين قادة البلدين، مما عكس مستوى التقدير المتبادل.
كما أشار إلى زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين، منها زيارة الرئيس البولندي عام 2013، وزيارة رئيس الوزراء البولندي السابق ماتيوش مورافيتسكي إلى الرياض عام 2023، والتي تم خلالها بحث إنشاء مجلس تنسيقي سعودي-بولندي، تمت الموافقة عليه مؤخرًا وسيُوقّع إنشاؤه قريبًا.
تعاون اقتصادي واستثماري متنامٍ
أكد السفير أن قطاع الطاقة يُعد من أبرز مجالات التعاون، لافتًا إلى الاتفاقية التاريخية بين شركتي أرامكو السعودية وأورلين البولندية في عام 2022، والتي حصلت بموجبها أرامكو على حصة 30% من مصفاة غدانسك. وأسهمت هذه الخطوة في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 3 مليارات دولار في 2020 إلى 9 مليارات في 2024.
كما يجري العمل على تطوير التعاون في مجالات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، السياحة، الصناعات الدوائية، الزراعة، والخدمات اللوجستية، حيث شارك وفد تجاري سعودي رفيع في المنتدى الاقتصادي السعودي البولندي الذي عُقد في وارسو عام 2024.
رحلات جوية مباشرة وتعاون أكاديمي
أشار السفير إلى أن اتفاقية النقل الجوي، التي تم توقيعها في وارسو عام 2023، مهّدت لإطلاق رحلات مباشرة بين البلدين لأول مرة. كما أكد على أهمية التعاون الثقافي والأكاديمي، مشيرًا إلى زيارة وزير التعليم السعودي إلى بولندا عام 2024، وزيارة وفد من رؤساء 11 جامعة بولندية إلى السعودية، لتعزيز برامج التبادل الطلابي والبحثي.
بيئة استثمارية واعدة
وصف السفير الصالح البيئة الاستثمارية في بولندا بـ”الواعدة”، مؤكدًا أنها توفر فرصًا جذابة للمستثمرين السعوديين، خصوصًا في مجالات الأمن الغذائي، التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني. وبيّن أن المملكة تُعد أكبر شريك اقتصادي لبولندا على مستوى الدول العربية.
تعزيز التفاهم الشعبي والثقافي
وحول الجانب الشعبي، لفت السفير إلى جهود السفارة السعودية في وارسو لتعريف البولنديين بالثقافة السعودية من خلال الفعاليات العامة، مثل تنظيم فعالية “عام الإبل” في إحدى الحدائق العامة، حيث تم تقديم التمر والقهوة السعودية، واستعراض ثقافة المملكة وسط تفاعل واسع من الحضور البولندي.
تنسيق سياسي وتوافق دولي
أوضح السفير أن هناك تنسيقًا دائمًا بين المملكة وبولندا تجاه القضايا الإقليمية والدولية، في إطار سعي البلدين المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار الدوليين.
مستقبل العلاقات في ظل رؤية المملكة 2030
واختتم السفير حديثه بالتأكيد على أن العلاقات السعودية-البولندية مرشحة لمزيد من النمو في ظل رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى بناء شراكات دولية قوية، مشيرًا إلى أن السنوات المقبلة ستشهد طفرة نوعية في العلاقات بين البلدين في شتى المجالات.