بولندا سياسة

القانون والعدالة قد يبقى المُسيطر على الحكم حتى لو شكلت المعارضة الحكومة ! كيف ذلك ؟

القانون والعدالة قد يبقى المُسيطر على الحكم حتى لو شكلت المعارضة الحكومة ! كيف ذلك ؟

 

بقلم رئيس التحرير – وسيم أبو حسن

تشير إستطلاعات الإنتخابات الأولية الى أن حزب القانون والعدالة سيخسر الأغلبية التي كان يحظى بها منذ 8 سنوات في مجلس النواب ، فبحسب الإستطلاعات سيحصل حزب القانون والعدالة على 198 نائب فقط ، فيما تؤكد باقي التشكيلات السياسية بما فيها الكونفدرالية ( الأقرب الى خطهم السياسي رغم الخلافات ) أنها لن تدخل في تحالف معهم لتشكيل حكومة ، ما يجعل حظوظ المعارضة في تشكيل الحكومة هي الأكبر ، والتي تشير الإستطلاعات الى إمكانية حصولها على 248 مقعد ، وهي أغلبية مريحة في البرلمان المكون من 460 نائب .

لكن آلية عمل السلطة التشريعية في بولندا لا تقتصر على مجلس النواب ، حيث أن مجلس النواب هو واحد من ثلاث هيئات تشريعية في بولندا وهي البرلمان – مجلس الشيوخ – الرئيس ، ويجب أن يحظى أي قانون تشريعي بموافق جهتين من الجهات الثلاثة على الأقل حتى يتم إقراره .

وبناء على ما سبق ، ستكون بولندا أمام سيناريوهات مختلفة ، مرتبطة الى حد كبير بـ نتائج إنتخابات مجلس الشيوخ ، والتي قد ستحدد نتائجها آلية اتخاذ القرار في بولندا ، وتوزيع مراكز القوى ، ودور الرئيس البولندي في المرحلة القادمة .

آلية إقرار القوانين في بولندا

تبدأ ألية إقرار القوانين في بولندا عن طريق البرلمان / الحكومة ، الذي يقترح قوانين وتشريعات معينة ، وبعد الإنتهاء منها يتم طرحها للتصويت ، وعادة ما يتمكن الحزب الحاكم / الإئتلاف الحكومي من تمرير أي قانون كونه يملك الأغلبية في البرلمان ، ولكن تصويت البرلمان ليس كافي لـ تمرير أي قانون تشريع !

بعد الإقرار في البرلمان يتم إرسال القانون / التشريع الى مجلس الشيوخ ، الذي أيضاً سيناقشه ، ومن الممكن أن يقترح تعديلات عليه أو يرفضه ايضاً ويعيده الى البرلمان ، وفي حالة وجود خلاف بين البرلمان ومجلس الشيوخ حول أي قانون ، تكون الكلمة الفصل في ذلك للرئيس ، الذي يمكن أن يوافق على القانون حتى مع إعتراض مجلس الشيوخ وبذلك يتم تمرير القانون ، أو يوافق على قرار مجلس الشيوخ ( يستخدم الفيتو ) لإيقاف القانون .

أما في حالة إقرار القانون من مجلسي النواب والشيوخ ، فإن توقيع الرئيس على القانون يكون روتيني ، ولا يكون له رأي في القانون .

السيناريوهات التي تنتظرنا :

نتائج إنتخابات مجلس الشيوخ

لا تزال عملية فرز الأصوات مستمرة ، ولم تتضح بعد صورة تشكيلة مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو .
في إنتخابات عام 2019 تمكنت المعارضة من إنتزاع أغلبية ضئيلة ( 51 عضو ) في مجلس الشيوخ فيما كانت الأغلبية في مجلس النواب لـ حزب القانون والعدالة ، وعلى الرغم من أغلبية المعارضة في مجلس الشيوخ ، الا أن تأثيرها على إقرار أي قانون كان محدود جداً ، لكون الرئيس محسوب على تيار اليمين ، وعندما كان مجلس الشيوخ يرفض أي قانون ، كان الرئيس ( في معظم الأحيان ) يستخدم سلطته لتمرير القانون

السيناريو الأول

حالياً في إنتخابات 2023 تشير التقديرات أن المعارضة سيكون لديها الأغلبية في البرلمان ، لكن فرحتهم لن تكتمل دون الفوز أيضاً في انتخابات مجلس الشيوخ ، لأنه في حال فوز القانون والعدالة بأغلبية اعضاء مجلس الشيوخ ، وفي ظل وجود رئيس محسوب على التيار اليميني ، يمكن لـ القانون والعدالة تعطيل تمرير أي قانون من مجلس النواب ( لكون القرار يحتاج موافقة 2 من السلطات التشريعية الثلاثة ) وستضطر المعارضة ( التي ستشكل الحكومة ) الى التفاوض مع القانون والعدالة لتمرير أي قانون ، أو تقديم تنازلات .

السيناريو الثاني

في حال تمكنت المعارضة من تحقيق الفوز في مجلسي النواب والشيوخ ، فإن سلطتهم ستكون كاملة ، كونها ستكون قادرة على تمرير أي قانون في المجلسين ، وسيتم تهميش دور الرئيس الى حد كبير ، كونه وبعد موافقة المجلسين ، لن يكون لديه إمكانية التعطيل ( مع أنه سيكون لديه سلطة تأخير إقرار القانون ) ، وعليه فإن هذا السيناريو هو الأفضل بالنسبة لـ المعارضة التي تتحضر لتولي السلطة .

إنتظار الإنتخابات الرئاسية !

وبالعودة الى السيناريو الأول الذي يناقش فوز القانون والعدالة بأغلبية في مجلس الشيوخ ، والذي يضع المعارضة في موقف لا تحسد عليه ، فإن الحل الوحيد أمامها هو أنتظار الإنتخابات الرئاسية العام القادم ، ومحاولة الفوز بها لكسر حالة تعادل ميزان القوى الذي سيكون سبب في تعطيل البلاد الى حد كبير .

ولن تكون الإنتخابات الرئاسية أقل توتراً من الأنتخابات البرلمانية ، خصوصاً وأن تصريحات سابقة لمسؤولين من القانون والعدالة أكدوا أن مرشح الحزب في الإنتخابات الرئاسية القادمة سيكون رئيس الوزراء الحالي ماتيوش مورافيتسكي ، الذي يحظى ( في معظم الإستطلاعات ) بالمركز الثاني في استطلاع شعبية الشخصيات السياسية بعد الرئيس الحالي أندريه دودا .

وعلى الجانب الآخر من المستبعد أن تقدم المعارضة مرشح مشترك للإنتخابات الرئاسية ، وسيقوم كل حزب بتقديم مرشحه المستقل ، لكن الموضوع في الإنتخابات الرئاسية مختلف عن إنتخابات البرلمان ، فعلى الرغم من أن المعارضة دخلت الإنتخابات البرلمانية متفرقة ، الا أن أصوات أنصارهم كانت تصب دائماً في دلو واحد ، أما في إنتخابات الرئاسة فالموضوع مختلف ، وتوزع الأصوات بين المرشحين ، قد يفضي الى أنهاء الإنتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بفوز مرشح اليمين ( مورافيتسكي ) ، ومع وجود أغلبية في مجلس الشيوخ ، ستكون لهم اليد العليا في البلاد .

وفي الوقت الحالي علينا إنتظار انتهاء فرز الأصوات لتكون الصورة أوضح لـ الفترة القادمة

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى إيقاف مانع الإعلانات من المتصفح. موقع بولندا بالعربي يعتمد على ريع الإعلانات للإستمرار في تقديم خدماته شاكرين لكم تفهمكم