بولندا والهند تؤسسان شراكة استراتيجية في تعزيز مجالات الدفاع والأمن والتجارة
وتعربان عن قلقهما إزاء الصراع في أوكرانيا
رفعت الهند وبولندا علاقاتهما الثنائية إلى مستوى “شراكة استراتيجية” خلال الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الوزراء ناريندرا مودي، مما يبشر بعصر جديد من التعاون في مجالات الدفاع والأمن والتجارة والتكنولوجيا.
بدعوة من رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة رسمية إلى بولندا في الفترة من 21 إلى 22 أغسطس 2024. وقد مثل هذا الحدث التاريخي أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى بولندا منذ 45 عامًا وتزامن مع الذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وكان أبرز ما في هذه الزيارة هو قرار الدولتين برفع علاقاتهما الثنائية إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية”، مما يعكس التزامهما المتبادل بتعزيز التعاون في مجالات رئيسية مثل الدفاع والأمن والتجارة.
– تعزيز أسس العلاقات بين الهند وبولندا
خلال مناقشاتهما المكثفة، أكد رئيسا الوزراء مودي وتوسك على أهمية القيم الديمقراطية المشتركة والنظام الدولي القائم على القواعد باعتبارهما حجر الزاوية لشراكتهما. وإدراكًا لأهمية العلاقات القائمة بينهما منذ فترة طويلة،و اتفقا على تعميق التعاون الثنائي والإقليمي والدولي من أجل خلق عالم أكثر استقرارًا وازدهارًا واستدامة.
تشكل هذه الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين الهند وبولندا إنجازًا مهمًا يهدف إلى إطلاق العنان للإمكانات الكاملة لعلاقتهما. وقد تم الاعلان عن بيان مشترك وخطة عمل للأعوام 2024-2028، مما مهد الطريق لتعزيز التعاون عبر مختلف القطاعات .
– تعزيز التعاون الدفاعي والأمني
كان التعاون الدفاعي والأمني محوريًا في المناقشات بين رئيسي الوزراء توسك ومودي . وأقر الجانبان بضرورة تعميق تعاونهما في هذه المجالات، وخاصة في ضوء بيئة الأمن العالمية المتطورة. وسيتم الاستفادة الكاملة من مجموعة العمل المشتركة للتعاون الدفاعي لاستكشاف فرص المبادرات المشتركة والشراكات في صناعة الدفاع .
وأكد رئيس الوزراء مودي على دور الهند كشريك دفاعي مهم، مسلطًا الضوء على قدرات البلاد في التصنيع والتكنولوجيا . وأدركت بولندا، التي تستعد لتولي رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي العام المقبل، أهمية تعزيز علاقاتها الدفاعية مع الهند، وخاصة في سياق العلاقات الأوسع بين الهند والاتحاد الأوروبي.
– توسيع العلاقات التجارية والاقتصادية
وبرز التعاون الاقتصادي باعتباره محوراً رئيسياً آخر خلال الزيارة. فقد أقرت الهند، التي تعد الآن خامس أكبر اقتصاد في العالم ، وبولندا، سادس أكبر اقتصاد داخل الاتحاد الأوروبي، بالإمكانات الهائلة للتجارة والاستثمار بين البلدين. واتفق الزعيمان على الاستفادة الكاملة من اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي لاستكشاف مجالات جديدة للتعاون، وموازنة التجارة الثنائية، وتوسيع سلة التجارة بينهما.
وأكد تانمايا لال، سكرتير وزارة الخارجية الهندية، على أهمية هذه الزيارة في توفير زخم قوي للشراكة بين الهند وبولندا. وقال لال: “إن بولندا شريك مهم للغاية للهند في هذه المنطقة”، مسلطًا الضوء على المفاوضات الجارية بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الهند والاتحاد الأوروبي وإنشاء مجلس التجارة والتكنولوجيا بين الهند والاتحاد الأوروبي.
-التعاون في مجال التكنولوجيا والطاقة والاتصال
وإدراكًا للدور الحاسم الذي تلعبه الرقمنة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الثنائي في مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني. وأكدا على أهمية الاتصال بين البلدين، ورحبا ببدء رحلات الطيران المباشرة ودعوا إلى المزيد من التوسع إلى وجهات جديدة.
كما سلطت خطة العمل الضوء على التعاون في مجال الطاقة والعمل المناخي وتطوير البنية الأساسية. وأدركت الدولتان التحديات التي يفرضها تغير المناخ واتفقتا على أهمية الجهود المشتركة في مبادرات المناخ. وشجعت الهند بولندا على النظر في الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية والتحالف من أجل البنية الأساسية المقاومة للكوارث.
– التعاون المتعدد الأطراف والسلام العالمي
وبالإضافة إلى التعاون الثنائي، أكد رئيسي الوزراء توسك ومودي، وفقًا للبيان المشترك الصادر في نهاية الزيارة، على الحاجة إلى تعزيز التعاون في المنتديات المتعددة الأطراف. وأكدا التزامهما بالنظام الدولي القائم على القواعد والسلام والأمن العالميين، وخاصة في سياق الصراعات المستمرة مثل الحرب في أوكرانيا.
وأعربا عن قلقهما العميق إزاء الأزمة الإنسانية في أوكرانيا، ودعوا إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم وفقاً للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. كما أكدا موقفهما الرافض لاستخدام الأسلحة النووية، وشددا على أهمية احترام السيادة والسلامة الإقليمية.
– عصر جديد في العلاقات الهندية البولندية
لقد دشنت زيارة رئيس الوزراء مودي إلى بولندا عصرًا جديدًا في العلاقات الهندية البولندية، تميز برفع مستوى العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. ومن المقرر أن تعزز هذه الشراكة التعاون في مجالات الدفاع والأمن والتجارة وما إلى ذلك، مما يعكس القيم والمصالح المشتركة لكلا البلدين. ومع إرساء الأساس خلال هذه الزيارة التاريخية، أصبحت الهند وبولندا على استعداد لتحقيق المزيد من التعاون والمنافع المتبادلة في السنوات القادمة.