بولندا مجتمع
بولندا وطيور اللقلق الأبيض.. فى حالة عشق تتجدد كل صيف
{loadposition top3}
هو مشهد مألوف، ولكنه لا يزال مثيرا لسكان بلدة كلوبوت غربي بولندا أن يبدأ فرخ طائر اللقلق في الخروج من بيضته.
ويشهد موسم هذا العام فقس أعداد أكبر بكثير من بيض طيور اللقلق في أعشاشها التي تعلو أسطح المباني في البلدة الواقعة على الحدود البولندية الألمانية.
ويقول “الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة” إن هناك نحو 350 ألف زوج من طيور اللقلق الأبيض على مستوى العالم.
وبحسب أحدث بيانات منظمة “بيرد لايف” المستقلة غير الربحية المعنية بالحفاظ على الطيور، يوجد في بولندا نحو 50 ألف زوج من طيور اللقلق الأبيض القابلة للتكاثر، وهو ما يعني أن أعداد هذا النوع بها تزيد عن أي بلد أوروبي.
ويقول أركاديوش ستام 26/ عاما/ ،وهو خبير في علم الطيور يعمل في متحف طيور اللقلق الأبيض الوحيد في بولندا، إن “كلوبوت هي أكبر مستعمرة (للقلق الأبيض) في غرب بولندا”.
وأضاف أن وجود المتحف في البلدة ليس مصادفة، حيث أن كلوبوت هي واحدة من “قرى اللقلق الأبيض” في بولندا، حيث يأتي الكثير من الطيور لتبني أعشاشها بعد قضاء الشتاء في أفريقيا. وكذلك تعد منطقة مازوريا للبحيرات في شمال شرق بولندا مكانا مفضلا للطيور الكبيرة المهاجرة.
وبشكل أساسي، تنجذب طيور اللقلق إلى الأماكن التي يتوافر بها غذاؤها. وفي بولندا، حيث الكثير من الحقول والمراعي والبحيرات والأراضي الرطبة، تتوافر الحشرات والضفادع والأسماك التي تتغذى عليها طيور اللقلق.
ويقول ستام إنه قبل كل شيء، تجذب بولندا الطيور التي تهاجر عبر ما يعرف باسم الطريق الشرقي، من جنوب الصحراء الكبرى شمالي أفريقيا وعبر الشرق الأوسط إلى أوروبا الشرقية.
ولكن البناء في البلدات والقرى والتغييرات في الزراعة تدفع الطيور أكثر ناحية الشرق. ويقول ستام :”بشكل متزايد، تتوجه طيور اللقلق التي عاشت قبل ذلك في بولندا إلى بيلاروس (روسيا البيضاء) أو ليتوانيا”. ويوجد في إسبانيا أيضا الكثير من طيور اللقلق، حيث تقطع الطيور ما يعرف باسم الطريق الغربي عبر جبل طارق للوصول إلى أوروبا.
ويقول ناشطو حماية الحيوانات إن تراجع أعداد طيور اللقلق في بولندا يتجلى في المقام الأول في جنوب غرب البلاد. وتشهد المنطقة حاليا تكاثر نحو نصف أعداد طيور اللقلق التي كانت تتكاثر بها قبل عشرة أعوام، حسب عالم الطيور إريك كالوجا الذي يعمل على حماية طيور اللقلق منذ 18 عاما.
وتعمل منظمة كالوجا “جروبا إيكولوجيكزنا” على إصلاح أعشاش طيور اللقلق وبناء دعامات لحماية الأعشاش من الانهيار. وتقوم طيور اللقلق نفسها بترميم الأعشاش الموجودة بالفعل باستخدام قش جديد، ولذلك فإنه بمرور الأعوام يمكن أن يصل وزن العش إلى مئات الكيلوجرامات.
ودفع الشغف بطيور اللقلق الأبيض مؤخرا بكالوجا إلى لبنان. ويقول إن الآلاف من الطيور تتعرض سنويا خلال رحلتها التي تبلغ مسافتها 10 آلاف كيلومتر إلى أوروبا لطلقات بنادق الصيادين غير المحترفين في لبنان . ويضيف كالوجا 43/ عاما/ إن الطيور تتعرض أيضا للطلقات على سبيل الرياضة في سورية وسلطنة عمان. والآن، وبمساعدة فيلم رسوم متحركة، يأمل كالوجا في وقف الصيد غير المشروع لطيور اللقلق.
وعرض كالوجا الفيلم، ومدته عشر دقائق، في مدارس لبنانية في نيسان/أبريل الماضي لحث الأطفال على العمل من أجل حماية الطيور. ويأمل في أن ينقل الأطفال الرسالة إلى آبائهم .
ويقول إن الأطفال تأثروا بالعلاقة الخاصة التي يشعر بها البولنديون تجاه طيور اللقلق .
وأضاف ضاحكا “نحن البولنديون نحب هذه الطيور ونفتخر بها. بالطبع يعود ذلك جزئيا إلى مقولة أن طيور اللقلق تجلب إنجاب الأطفال”.
ومع ذلك فإن الأمر يعود أيضا إلى أن طيور اللقلق تعيش بالقرب من البشر وتنسجم معهم. ويقول كالوجا محاولا إخفاء ضحكته: “إنها تسمح بمراقبتها، ومن ثم فإن لكل منا قصصه الخاصة التي يرويها عن هذه الطيور. وبعض الأشخاص يؤكدون قناعتهم بأن طائر اللقلق نفسه يعود إلى سطح منزلهم سنويا ويتعرفون عليه”.
ويشير إلى أنه رغم تراجع الأعداد، لا تزال بولندا هي أرض طيور اللقلق. ويقول :”إنها ببساطة تنتمي إلى الريف البولندي”.
د ب ا