بولندا وفاعلية معالجة أزمة اللاجئين
إن حزب القانون والعدالة في بولندا كان يعرف جيداً ما الذي يمكن توقعه قبل أن تبدأ قضية تحويل اللاجئين من الشرق الأوسط إلى الحدود البولندية. لقد كان لدى بولندا الوقت لتطبيق إجراءات وقائية في البلدان الأصلية للاجئين، ولكنها لم تفعل والآن لدينا آلاف الناس اليائسين يتجمعون في الأجواء الباردة على الحدود، حيث يواجهون خيارات تتراوح بين السيئ والأسوأ.
إن أحد أسباب في هذا هو أن الحكومة كانت منشغلة في مواجهة المؤسسات الأوروبية بسبب قيامها بتسييس القضاء البولندي، إلى جانب قضايا أخرى.
إن المماطلة في اتخاذ إجراءات مهمة في مجال معالجة أزمة اللاجئين، والتي استمرت حتى بدأ اللاجئون بالتجمع على الحدود، خلقت الفرصة للكثير من التصرفات. لقد أعلن المسؤولون منذ ذلك الحين حالة الطوارئ، وعقدوا المؤتمرات الصحافية بوجود المركبات المصفحة، وهي خطوات كان الهدف منها توحيد المجتمع خلف الحكومة.
لقد تضررت كثيراً، بالوقت الحالي، علاقات بولندا مع جميع الحلفاء. ويتوجب على المواطنين البولنديين الآن أن يضعوا كامل ثقتهم بحسن النية المتبقي لدى الاتحاد الأوروبي والناتو، ولكن بينما المادة 4 من معاهدة الناتو تضمن الدفاع المتبادل ضد العدوان الخارجي، إلا أنها لا تحدد كيف يجب أن يستجيب الحلفاء، فهل يجب أن يرسلوا جيشاً أو الاكتفاء بإنشاء لجنة تحقيق؟ وفي عصر الحروب غير التقليدية، فإن العلاقات الجيدة مع الحلفاء هي كل شيء، والبولنديون آمنون طالما نحن نتمتع بعلاقات طيبة مع ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن للأسف فإن هذه العلاقات في حالة يرثى لها حالياً.
إن رفض الحكومة البولندية حتى أن تطلب مساعدة دولية قد ساهم في تفاقم الأزمة على الحدود. إن إشراك فرونتيكس (وكالة الحدود وخفر السواحل التابعة للاتحاد الأوروبي) كان سيغيّر على الفور الحسابات.
إن من الأسباب الأخرى لماذا كانت بولندا غير مستعدة بالمرة لهذه الأزمة هو أن الحالة الراهنة سياسياً عملت بجد واجتهاد على تقسيم المجتمع البولندي والنخبة السياسية. إن الحكومة والتي كانت تحاول بشدة إحباط أي نوع من التوافق بين الأحزاب، لم تقم بدعوة المعارضة لمجلس الأمن القومي، ولكن حتى لو قامت بذلك فإن السياسيين من المعارضة كان سيكون لديهم شكوك محقة في أنه يتم جرهم إلى فخ، وفي كلتا الحالتين سيظل التركيز على المناورة لتحقيق مكاسب سياسية، وليس على بناء التضامن في مواجهة تهديد معادٍ. إن وجود جبهة موحدة تتألف من حزب القانون والعدالة وحزب المعارضة الرئيسي المنبر المدني وغيرها، يعني أنه سوف يكون أسهل كثيراً على القادة السياسيين من برلين وباريس وواشنطن دعمها.
إن زعيم حزب المنبر المدني ورئيس المجلس الأوروبي السابق دونالد تاسك لا يزال يحتفظ بعلاقات جيده مع شركاء وحلفاء بولندا السابقين وخلال قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة في بروكسل، عقد اجتماعات مع أكثر رؤساء الدول والحكومات أهمية، بينما كان رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي منبوذاً إلى حد كبير.
يقف مورافيتسكي وياروسلاف كاتشينسكي وحدهما، حيث من المرجح أن يثيرا مشاعر غريبة عوضاً عن التعاطف، ولكن هذه قد تكون لحظة حاسمة بالنسبة للمعارضة، والتي تؤدي جماعياً بشكل أفضل في استطلاعات الرأي، والآن مع مواجهة بولندا لتهديد حقيقي- وليس شبحاً تم استحضاره بسبب رهاب ألمانيا أو التشكيك بالدور الأوروبي.إن بولندا لا تزال بلد يستحق أن نؤمن به، إن البلد نفسه يستحق الدعم.
الكاتب سلاوفمير سيراكوفسكي* مؤسس حركة كراتايكا بوليتيسزنا وهو زميل أول في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية