بولندا سياسة
تحليل-بولندا والمجر بعد فوز ماكرون .. فوائد قوم عند قوم مخاوف
تنهد الأوروبيون في قطاع كبير من القارة تنهيدة ارتياح لانتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا بما يجلبه معه من رؤية لتوثيق التكامل بين دول الاتحاد الأوروبي، غير أن هذا الفوز أشاع في بولندا والمجر مخاوف من فقدان نفوذهما.
فقد كانت بولندا من أعلى الأصوات بين دول الشرق الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تخشى أن تعمل الدول الغربية الثرية الحريصة على تعزيز التعاون فيما بينها على إضعاف السوق الموحدة التي كانت أكبر فوائد العضوية في الشرق وتقليل الدعم المالي للدول الأقل ثروة من خلال تحريك مركز النفوذ غربا.
{loadposition TOP3}
ويعزز مجيء ماكرون وتأييده لفكرة أوروبا “متعددة السرعات”، التي بدأت تكتسب التأييد في ألمانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي منذ قرار بريطانيا الانفصال عن الاتحاد، احتمال قيام إحدى دوائر صنع القرار الرئيسية باستبعاد بودابست ووارسو العاصمتين الشيوعيتين السابقتين.
كما أنه سيحبط جهودهما لنقل صلاحيات من بروكسل إلى الدول الأعضاء مرة أخرى.
وفي تحرك يبرز هذه المخاوف، اتهم مسؤولون بولنديون ماكرون بازدواجية المعايير ومخالفة روح السوق المشتركة بالدعوة إلى إصلاح القواعد التي تحكم انتقال العمال داخل الاتحاد.
وقال كونراد شيمانسكي نائب وزير الخارجية البولندي أمام منتدى اقتصادي في كاتوفيتشي يوم الأربعاء “من المفهوم أن الساسة والمفكرين يبحثون عن حلول.
“غير أن انقسام الاتحاد الأوروبي على نحو دائم هو أسوأ علاج ممكن لأن أول ضحية لهذا الانقسام ستكون السوق الموحدة”.
وكان قرار شركة ويرلبول لنقل مصنع لمجففات الملابس من فرنسا إلى بولندا قد تصدر الحملة الانتخابية في فرنسا الشهر الماضي وقالت مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف التي نافست ماكرون في الانتخابات إنها ستؤمم المصنع.
أما ماكرون المدافع عن العولمة والتكامل الأوروبي فرفض استدراجه إلى إصدار وعد للعمال بأنه سيحول دون نقل المصنع.
لكنه قال إن وارسو تستغل فروقا في تكاليف العمالة وهو ما لا يمكن السكوت عليه. وأشار إلى مشكلة الإغراق الاجتماعي التي تمثل قضية ساخنة في فرنسا إشارة إلى الشركات التي توظف عمالة أرخص من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو تنقل الإنتاج إلى دول تقل فيها الأجور.
* تمييز
قال وزير المالية البولندي ماتيوس مورافيسكي لهيئة الإذاعة البولندية إن هذا يرقى إلى مستوى “التمييز” وقال آخرون إن ماكرون يضعف مباديء السوق المشتركة.
وأضاف الأسبوع الماضي “لا يمكن أن يكون الأمر أن بولندا حسنة عندما تكون سوقا للتصدير لكنها ليست حسنة … عندما تجذب الاستثمار الأجنبي بما فيه الاستثمار من فرنسا”.
وقال شيمانسكي إن فوز ماكرون قد يكون أمرا طيبا لبولندا لكن وارسو تساءلت “عما إذا كان يجري استبعادنا من نقاش حول سياسات الحماية والسوق الموحدة”.
وتابع “ربما نريد تغييرها لكننا لا نريد التخلي عنها”.
وقد أثار حماس ماكرون لفكرة إنشاء وزارة مشتركة للميزانية والمالية لدول اليورو، رغم أن برلين تنظر لهذه الفكرة بعين الشك، مخاوف بين دول الشرق خشية أن تخسر جانبا من أموال الاتحاد الأوروبي.
ولا تتعجل بولندا والمجر تبني العملة الأوروبية الموحدة وتقولان إنهما بحاجة لمرونة سعر الصرف لعملة وطنية في الأوقات الصعبة.
وقال داريوش روساتي عضو البرلمان الأوروبي من حركة البرنامج المدني المعارضة في بولندا للراديو البولندي هذا الشهر “لو طبقت في النهاية ميزانية لمنطقة اليورو فهذا سيعني أموالا أقل للدول غير الأعضاء في منطقة اليورو”.
وبولندا هي أكبر مستفيد من أموال الاتحاد الاوروبي ومن المقرر أن تتسلم 77.6 مليار يورو (84.4 مليار دولار) في الفترة الحالية للميزانية 2014-2020 لمشروعات البنية التحتية والأقاليم الأكثر فقرا ولتحسين القدرة التنافسية لاقتصادها.
ورغم أن السياسة المالية الموحدة ربما تكون أمرا بعيدا في الوقت الحالي فإن فكرة وجود دول أعضاء في الاتحاد “تتحرك بوتائر وحماسة متفاوتة عند الضرورة” وردت في إعلان روما الذي صدر بمناسبة مرور 60 عاما على إنشاء الاتحاد الأوروبي فيما يعكس رغبة الدول الست المؤسسة ومنها فرنسا وألمانيا التعجيل بالتكامل.
وقال هندريك هانسن رئيس قسم السياسة الدولية والأوروبية بجامعة اندراسي في بودابست إن فكرة وجود كتلتين تسيران بسرعتين مختلفتين في أوروبا تزداد ترجيحا وستزداد أهمية لكون ماكرون والترادف الفرنسي الألماني قوة دافعة للاتحاد”.
{loadposition TOP13}
* “نهاية الاتحاد الأوروبي”
أقرب حلفاء بولندا في هذا الموضوع هو فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر.
فقد قال شابولكس تاكاش وزير الدولة المجري للشؤون الأوروبية لرويترز الأسبوع الماضي “موقف المجر من أوروبا ذات السرعتين متجانس .. فهذا سوف يعني في الأساس نهاية الاتحاد الأوروبي”.
وقال مصدر مقرب من ماكرون لرويترز يوم الأربعاء إن الفكرة وراء إصلاح منطقة اليورو ليست استبعاد الدول من الانضمام إليها “بل ضمان أن ينضم من ينضمون إليها … إلى منطقة يورو فعالة”.
وأضاف أن مخاوف دول شرق أوروبا “عموما هي أنها (فكرة أوروبا ذات سرعتين) ستفتت السوق الموحدة، لكن هذا ليس هو الهدف. الهدف هو أن نقول إن منطقة اليورو ليست مؤهلة على النحو السليم لمواجهة أزمة مستقبلية محتملة”.
غير أن بولندا والمجر عارضتا الدول الغربية في الاتحاد الأوروبي أيضا بسياساتهما التي اختار ماكرون تسليط الضوء عليها.
فقد تعرض البلدان لانتقادات مع دول أخرى من الشطر الشرقي للاتحاد بسبب رفض استضافة لاجئين بموجب خطة تشمل الاتحاد الأوروبي كله.
كما تتهم المفوضية الأوروبية حكومة بولندا بإضعاف الديمقراطية خاصة من خلال إصلاح للمحكمة العليا وتحركات لإخضاع هيئة الإذاعة والتلفزيون والقضاء لمزيد من الإشراف المباشر.
وتعرضت المجر مؤخرا لانتقادات بسبب مشروعات قوانين لتشديد القواعد التي تحكم عمل المنظمات الأهلية والجامعات الأجنبية.
وقال ماكرون في حملته الانتخابية إنه يجب أن يتشدد الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمساس بالحريات المدنية مثلما تشدد فيما يتعلق بالعجز في الموازنات رغم أن من المستبعد أن تحصل العقوبات التي طالب بفرضها على بولندا على إجماع الآراء الضروري لدعمها.
وفي معرض تهنئة ماكرون بانتخابه شددت بولندا والمجر على ضرورة إجراء محادثات عن مستقبل الاتحاد الأوروبي.
ودعت بولندا ماكرون لزيارتها وقال فيتولد فاشيكوفسكي هذا الأسبوع إن وارسو تتوقع منه أن يتخلى عن “اللغة الانتخابية الطنانة” ويشرح بنفسه آراءه في كيفية إصلاح الاتحاد الأوروبي.
رويترز
{loadposition TOP13}