تونس تحتضن القمة الفرنكوفونية
بعد تأجيلها سنتين على التوالي بسبب جائحة كورونا، تحتضن جزيرة الأحلام جربة بتونس الدورة الثامنة عشر للقمة الفرنكوفونية يومي 19 و20 نوفمبر 2022 لتدارس موضوع “التواصل في إطار التنوع: التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني”. كما سيتم بالمناسبة ذاتها الإحتفال بالذكرى الخمسين لإنشاء المنظمة الدولية للفرنكوفونية.
وسينعقد على هامش القمة المنتدى الإقتصادي للفرنكوفونية ، القرية الفرنكوفونية التي ستكون فضاء يجسد التنوع الثقافي ويعكس ثراء التراث الفرنكوفوني وتعدده، حيث ستتيح القرية للزائرين فرصة للإطلاع على العادات الثقافية والمعالم السياحية والإستفادة من معارض بيع المنتوجات الحرفية التي سيؤثثها ثمانية وثمانين بلدا عضوا في المنظمة بالإضافة إلى عروض فنية تجمع بين الغناء والرقص والموسيقى وغيرها.
وللتذكير فقد ظهر مصطلح الفرنكوفونية في أواخر القرن التاسع عشر في فرنسا لوصف الفضاء الجغرافي الجامع بين الناطقين بالفرنسية في العالم، فإن المشروع الفرنكوفوني ولد بفضل إرادة أربعة زعماء من الجنوب وهم الحبيب بورقيبة (تونس) وليوبولد سيدار سنغور (السنغال) وحماني ديوري (النيجر) إضافة إلى الأمير نورودوم سيهانوك (كمبوديا) وذلك بهدف الإستفادة من إستخدام اللغة الفرنسية مما يعزز التضامن والتنمية والتقارب بين الشعوب.
و تونس التي تتمتع بموروث غزير متعدد الثقافات وبتاريخ يعود إلى 3000 عام، حرصت منذ البداية على الإضطلاع بدورها كاملا في إطار الفضاء الفرنكوفوني. والجدير بالذكر أن علاقة تونس بالعالم الفرنكوفوني متجذرة في التاريخ منذ حكم البايات.
ولما كانت تونس بلدا مؤسسا للفرنكوفونية، مع السينغال والنيجر وكمبوديا وعضوا ناشطا في هذه المنظمة العتيدة فقد أولت دائما بناء المشروع الفرنكوفوني إهتماما موصولا باعتباره أداة لتثمين روابط الصداقة والتضامن والتعاون بين الدول الأعضاء.
ونتيجة لهذه الأسباب وغيرها، حظيت تونس بتشريف نظيراتها من البلدان الفرنكوفونية، خلال القمة الفرنكوفونية السادسة عسرة التي عقدت بانتاناناريفو (مدغشقر) في شهر نوفمبر 2016 بشرف احتضان القمة الفرنكوفونية الثامنة عشر يومي 19 و20 نوفمبر 2022 بجربة.
ويعود إختيار جزيرة الأحلام جربة لإحتضان أشغال القمة لرمزية المكان وأبعاده التاريخية بإعتبارها أرض اللقاء والتعايش المشترك.
وعلى مدى التاريخ وبحكم موقعا الجغرافي لعبت جزيرة جربة دور الملجأ. فقد آوت اليهود الهاربين بعد تدمير هيكل سليمان. وفيها عاش المسيحيون الكاثوليك والأرثوذكس في وئام مع الطوائف الأخرى. أما بالنسبة للمسلمين فإن جربة كانت أيضا ملجا للإباضية وهي أقلية مذهبية مسلمة.
تعيش في جربة جالية يهودية كبيرة منذ قرون وتمارس شعائرها في وئام تام مع الأغلبية المسلمة وهو ما يشهد عليه وجود أقدم كنيس يهودي في إفريقيا ومزار حج سنوي لليهود من جميع أنحاء العالم “الغريبة”.
وحسب الأسطورة يعود تاريخ بناء هذا الكنيس إلى عام 585 قبل الميلاد ويحتوي على حجر تم جلبه من هيكل سليمان ويضم إحدى أقدم نسخ التوراة.
تطمح تونس أن تكون هذه القمة التي تنعقد لأول مرة خارج عاصمتها منعطفا في تاريخ الفرنكوفونية وقفزة نوعية في المشروع الفرنكوفوني لما ستتناوله على جدول أعمالها من مواضيع تستجيب لمتطلبات شعوبنا ولتطلعاتها إلى التنمية والتشغيل والرخاء.
مرحبا بكم في جربة أرض اللقاء والتعايش والتسامح.
سوسن ذكّار
القائمة بالأعمال بالنيابة بسفارة الجمهورية التونسية في وارسو