بولندا سياسة

فوز نافروتسكي يوجه ضربة قوية لحكومة توسك ويهدد مستقبل الإصلاحات.

شهدت بولندا تحولًا سياسيًا لافتًا عقب فوز كارول نافروتسكي في الانتخابات الرئاسية، متغلبًا على الليبرالي رافاو تشاسكوفسكي بفارق ضئيل، في نتيجة اعتُبرت نكسة حقيقية لرئيس الوزراء دونالد توسك، الذي كان يعوّل على هذا الفوز لتأمين غطاء سياسي يدفع بأجندته الإصلاحية إلى الأمام.

كان فوز تشاسكوفسكي حاسمًا بالنسبة لتوسك الذي سعى إلى تنفيذ إصلاحات جوهرية تشمل نظام الضمان الاجتماعي، وتحرير قوانين الإجهاض، وتقنين الشراكات المدنية، واستعادة سيادة القانون. إلا أن فشل مرشحه في الوصول إلى القصر الرئاسي يعقّد هذه الطموحات، خاصة وأن الرئيس الجديد يمتلك صلاحية الفيتو على القوانين، وهي ورقة سبق أن استخدمها الرئيس السابق أندريه دودا لتعطيل مشروعات الحكومة.

التشكيك في مستقبل التمويل الأوروبي

من أبرز التداعيات المحتملة لفوز نافروتسكي، التهديد الذي يطال استمرار تدفق التمويل الأوروبي لبولندا. فبينما علّقت المفوضية الأوروبية صرف 137 مليار يورو بسبب خلافات قانونية مع الحكومة السابقة، أُعيد تفعيل هذه المخصصات اعتمادًا على التزامات حكومة توسك بالإصلاح. غير أن فوز نافروتسكي، المعروف بتحفّظه تجاه إصلاح القضاء، قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر.

نافروتسكي ينضم إلى محور الشعبوية الأوروبية

يضع فوز نافروتسكي بولندا على مسار أقرب إلى دول مثل المجر وسلوفاكيا، حيث يحكم الشعبويون المحافظون. الرئيس الجديد يُبدي رفضًا واضحًا لقيم الاتحاد الأوروبي التقدمية، ويعارض انضمام أوكرانيا إلى الناتو، كما يروّج لـ”القيم التقليدية” ويقف ضد حقوق مجتمع الميم، ويؤيد تقليص الهجرة.

دعم أميركي صريح وعلاقة وثيقة بترامب

خلال حملته، حظي نافروتسكي بدعم صريح من مسؤولين أميركيين محسوبين على الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي استقبله في البيت الأبيض. وأعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نوم خلال زيارتها لبولندا أن “كارول نافروتسكي سيكون زعيمًا قويًا تمامًا كما هو ترامب”.

توسك بلا حليف في القصر الرئاسي

يُعد فوز ناوروكي انتكاسة لتوسك، ليس فقط محليًا بل أيضًا على المستوى الأوروبي. فبعد أن كان أحد الأصوات القيادية في التنسيق مع فرنسا وألمانيا لإعادة توجيه الاتحاد الأوروبي، يجد نفسه الآن محاصرًا داخليًا، وسط تراجع في شعبيته، ومعارضة شرسة من الرئيس الجديد.

المحللة السياسية رينيه مينكوسكا–نوركينه من جامعة وارسو ترى أن:”تركيز توسك على الملفات الدولية أضعف حضوره داخليًا، وهو الآن يدفع ثمن ذلك”.

على مدى عام ونصف، فشلت حكومة توسك في إقرار إصلاحات تشريعية أساسية، كإلغاء القيود الصارمة على الإجهاض، أو تحسين البنية التحتية، أو حماية البيئة، بسبب الانقسامات داخل التحالف الحاكم من جهة، ومعارضة الرئاسة من جهة أخرى.

وقد انعكس هذا الفشل في استطلاعات الرأي، حيث تراجعت نسبة التأييد للحكومة إلى 32% في مايو، مقارنة بـ41% في بداية عام 2024، بينما ارتفعت نسبة المعارضة إلى 44%، وهو أعلى مستوى منذ عودة توسك إلى الحكم.

الطريق إلى إصلاح سيادة القانون يزداد وعورة

رغم الإفراج الجزئي عن أموال الاتحاد الأوروبي، لا تزال عملية إصلاح النظام القضائي معطّلة بفعل الفيتو الرئاسي، ومن غير المتوقع أن يُظهر ناوروكي مرونة أكبر في هذا الملف.

وعلق الباحث ياكوب ياراتشيفسكي من مركز Reporting Democracy قائلاً:”إصلاح سيادة القانون في بولندا أصبح أكثر تعقيدًا. أتوقع أن يكون ناوروكي أكثر تصلبًا من سلفه، لأنه يعمل على تمهيد الطريق لعودة حزب PiS إلى السلطة في انتخابات 2027 – أو ربما قبل ذلك”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى إيقاف مانع الإعلانات من المتصفح. موقع بولندا بالعربي يعتمد على ريع الإعلانات للإستمرار في تقديم خدماته شاكرين لكم تفهمكم