كيف يؤثر التضخم في أوروبا على عائلات المغتربين العرب !
بقلم رئيس التحرير – وسيم أبو حسن
منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا ، بدأ الحديث عن تبعات هذه الحرب على دول أوروبا بشكل خاص كونها الأقرب الى حدودها ، ودول العام بشكل عام من حيث إنقطاع سلاسل التوريد ، وأزمة الطاقة والغذاء العالمية بسبب وقف الصادرات الأوكرانية للحبوب وغيرها من المنتجات .
ألا أنه ورغم صحة هذه التحليلات ، الا أن المواطن الأوروبي وإن كان يشعر بالتضخم الكبير الحاصل ، الا أن الحكومات الأوروبية قدمت وسريعاً برامج للحد من تأثير هذا التضخم على المواطنين ، سواء عن تقليل الضرائب على بعض المنتجات ، أو برامج الدعم الإجتماعي ، ودعم القروض البنكية ، وغيرها من الخطوات التي كان لها تأثير مباشر لـ التقليل من آثار التضخم على المجتمع .
بينما لم تتمكن معظم الدول العربية من تقديم برامج مشابهة لإختلاف البنية السياسية والإقتصادية لتلك البلاد ، وطريقة حصول تلك الدول على عائداتها التي لا تشمل الضرائب في معظم الأحيان ، ما يعني إعتمادها على التصدير أولاً للحصول على عائدات حكومية ، وتحويلات مواطنيها المغتربين الذين يساهمون في تأمين القسم الأكبر من القطع الأجنبي للبلاد .
وعلى الرغم من أن مواطني تلك الدول العربية تأثروا بشكل مباشر بالأزمة العالمية التي سببتها جائحة كورونا أولاً ، والحرب الروسية على أوكرانيا ثانياً ، وإنعكاسها المباشر على أسعار المواد الغذائية ، الا أن التأثر الأكبر كان بسبب نقص التحويلات الخارجية ، وهذا يعود لسببين رئيسيين
أولاً
موجة التضخم التي أصابت أوروبا والعالم ، وعدم تماشيها مع زيادة الراوتب خلقت ضغط إضافي على المغتربين العرب ، الذين يعمل القسم الأكبر منهم في وظائف تُعتبر متوسطة الدخل خصوصاِ في دول شرق ووسط أوروبا ، فالمغترب كان يقوم بتوفير مبلغ من مرتبه الشهري ( يتراوح بين 100 الى 200 يورو ) لإرسالها لعائلته ، ولكن مع إرتفاع الأسعار في الدولة التي يعيش فيها ، فإن ارسال نفس المبلغ لم يعد ممكناً .
ثانياً
كما ذكرنا سابقاً فإن تأثير التضخم العالمي ورغم أنه كان أقل على الدول العربية ، الا أنه كان ملحوظ أيضاً خصوصاً لذوي الدخل الضعيف والمتوسط ، وما كان يحتاج 100 يورو لشرائه قبل الحرب الروسية – الأوكرانية ، بات يحتاج الى 150 يورو على الأقل لشرائه في الوقت الحالي .
ثالثاً
يُلاحظ أي متابع لـ التطورات الإقتصادية العالمية ، الخطط التي اتبعتها الدول الكبرى في العالم للحفاظ على إقتصاداتها ، بغض النظر عن تأثير تلك الخطط على دول أخرى ، خصوصاً في العالم الثالث ، فمع إستمرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة ، والخطوة المماثلة التي إتبعها المركزي الأوروبي ، فقد تأثر سعر عملات بعض الدول العربية بشكل مباشر ، والتي هبطت بشكل ملحوظ ، ما زاد من الفارق بين المرتبات والأسعار في الأسواق .
و بالمقارنة ما بين انخفاض دخل المغتربين العرب ، بسبب عدم تناسب المرتبات مع الزيادة في الأسعار ، وعدم تمكنهم من ارسال نفس المبلغ شهرياً ، وارتفاع الأسعار أيضاً في الدول العربية مع زيادة الفارق بين الدخل والمصروف ، ما يعني أنهم بحاجه مبلغ أكبر من المبلغ الذي كان يٍرسل لهم سابقاً ، فإن الطرفان يعتبران ضحية لقضية وإن كانت تعنينا إنسانياً ، الا أنها لا تعنينا سياسياً وإقتصادياً .
ومع إقتراب الحرب الأوكرانية – الروسية من نهاية عامها الأول ، والمزاج العالمي الذي تحول الى سياسة زيادة التسلح عوضاً عن دعم البرامج الإجتماعية ، فإن الأزمة العالمية بشكل عام ، وأزمة عوائل المغتربين العرب بشكل خاص مُرجحة للتفاقم دون برامج أممية وحكومية لدعم تلك الدول .