موسكو تحذر من استعداد بولندا لاقتطاع أجزاء من أوكرانيا
المساعدات العسكرية الغربية لكييف تجاوزت 160 مليار دولار
سارت موسكو خطوة إضافية على طريق مساعيها لدق إسفين بين أوكرانيا وأقرب حليفاتها في أوروبا، وحذر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو من أن الحشود العسكرية البولندية على مقربة من حدود روسيا وبيلاروسيا تهدف إلى تعزيز فرص وارسو في اقتطاع أجزاء في غرب أوكرانيا.
وكانت موسكو نبهت أكثر من مرة في السابق، إلى أن الحراك النشط الذي تقوده بولندا في إطار مواجهتها مع روسيا على الأراضي الأوكرانية يهدف إلى تحقيق طموحات تاريخية للبولنديين في ضم أجزاء من غرب أوكرانيا كانت في مراحل تاريخية سابقة تحت سيطرة الدولة البولندية.
وعززت موسكو روايتها بالتذكير أكثر من مرة بتفاصيل عن مواجهات وقعت بين مجموعات قومية أوكرانية والبولنديين في غرب البلاد خلال الحرب العالمية الثانية.
وفي خطوة جديدة في هذا الاتجاه، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن «الناتو» حشد نحو 360 ألف عسكري قرب حدود «دولة الاتحاد» الروسي – البيلاروسي، في إطار ما وصفه بـ«تحقيق الحلم التاريخي لبولندا باحتلال غرب أوكرانيا».
وتقول بولندا وليتوانيا وبلدان أخرى في حلف الأطلسي إن الحشود على مقربة من الحدود الروسية البيلاروسية سببها مواجهة تركيز الجهد العسكري لموسكو ومينسك في المنطقة الحدودية ونشر قدرات صاروخية متطورة فيها، فضلا عن مواجهة تهديد محتمل بسبب انتشار مجموعة «فاغنر» التي انتقلت من روسيا إلى بيلاروسيا على مقربة من الحدود، وتلويح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بأن عناصر هذه الوحدات «يطلبون الإذن للتوجه إلى وارسو».
وأعلنت وارسو الأربعاء أنها سترسل ألفي جندي إضافي إلى حدودها الشرقية للانضمام إلى ألفين آخرين ينتشرون هناك. وقالت الدولة العضو في «الناتو» الأسبوع الماضي إن مروحيات بيلاروسية انتهكت مجالها الجوي وحذرت من استفزازات مينسك.
وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي من أن موسكو ستردّ على أي عدوان ضد بيلاروسيا «بالوسائل المتاحة لديها كافة». وتخلت تركيا الشهر الماضي عن معارضتها لانضمام السويد للناتو، وأعطت الضوء الأخضر لطلب استوكهولم العضوية. وكان الكرملين قد أعلن أن انضمام السويد للناتو من شأنه أن يعرض أمن روسيا للخطر، وقال إنه يخطط لإجراءات مضادة. وتتشارك السويد حدودا قصيرة في منطقة القطب الشمالي مع روسيا. وقال شويغو إن «عاملا خطيرا مزعزعا للاستقرار هو انضمام فنلندا للناتو وفي المستقبل – السويد». لكنه رأى أن الحشود الأطلسية في المنطقة لها سبب مختلف.
وأصبحت فنلندا وهي جارة روسيا في الجهة الشمالية الغربية، عضوا رسميا في الحلف الأطلسي في أبريل (نيسان). ويبلغ طول حدود فنلندا مع روسيا نحو 1340 كيلومترا، ما يجعلها أكبر حدود من بين كل دول الاتحاد الأوروبي.
وأضاف وزير الدفاع الروسي: «يتمركز حوالي 360 ألف جندي من قوات دول أوروبا الشرقية و8000 عربة مدرعة و6000 منظومة مدفعية وهاون و650 مقاتلة ومروحية قرب حدود دولة الاتحاد (روسيا- بيلاروسيا)». وشدد على أنه «سيتم تعزيز مجموعات القوات الروسية على الحدود الغربية للبلاد».
ولفت الوزير إلى أنه منذ فبراير (شباط) 2022، زاد عدد تشكيلات الدول غير الإقليمية في كتلة شمال الأطلسي. حيث إن انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي وفي المستقبل السويد، هو عامل خطير لزعزعة الاستقرار. مشددا على أن «هذه التهديدات للأمن الروسي تتطلب استجابة مناسبة وفي الوقت المناسب. وسيتم بحث الإجراءات اللازمة لها واتخاذ القرارات المناسبة».
وحذر شويغو من احتمال أن يقوم حلف شمال الأطلسي في فنلندا بنشر أسلحة هجومية، قادرة على ضرب أهداف حرجة في روسيا. وشدد شويغو على أن «الغرب الجماعي يشن حربا بالوكالة ضد روسيا، ويقدم دعما غير مسبوق لكييف»، لافتا إلى أن «رغبة الغرب لدعم كييف من أجل قلب الموازين في ساحة القتال تخلق مخاطر جدية تؤدي إلى مزيد من تصعيد الصراع».
في الوقت ذاته، لفت شويغو إلى أن بولندا أصبحت الأداة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة المناهضة لروسيا، منوها بأن «المخاطر الحالية مرتبطة بعسكرة بولندا، التي أصبحت الأداة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة المعادية لروسيا. حيث أعلنت وارسو عزمها كما يقول البولنديون بناء أقوى جيش في القارة. وبناء عليه بدأت شراء أسلحة على نطاق واسع من الولايات المتحدة، وبريطانيا وكوريا، بما فيها دبابات وأنظمة المدفعية والدفاعات الجوية وأنظمة صاروخية ومقاتلات».
وشدد الوزير على أن «نيات بولندا في أوكرانيا تبدو ظاهريا موجهة لتعزيز الأمن الإقليمي كما يقولون، ولكن في الواقع ما يجري هو تجهيز لاحتلال غرب أوكرانيا».
وأشار شويغو، خلال اجتماع عسكري الأربعاء، إلى أن أوكرانيا تسلمت من الغرب مئات الدبابات وآلاف المدرعات وأكثر من 1100 مدفع وعشرات من أنظمة الدفاع الجوي، بقيمة إجمالية فاقت 160 مليار دولار.
وأوضح أنه منذ اندلاع المواجهات في أوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي، تم نقل أكثر من 4 آلاف عربة مدرعة غربية والآلاف من قطع المدفعية وعشرات قاذفات الصواريخ المتعددة وأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات إلى كييف.
وحذر من أن النشاط العسكري الروسي موجه بالدرجة الأولى لتدمير القدرات الغربية المسلمة إلى أوكرانيا.
وأشار شويغو إلى أنه في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة «ترفع المخاطر بشكل مطرد، وتسعى بالضغط على حلفائها لتزويد المزيد من الأسلحة طويلة المدى والفتاكة». لذلك، في مايو (أيار)، تم نقل صواريخ «ستورم شادو» البريطانية طويلة المدى الموجهة إلى أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، تعمل دول الناتو بنشاط على قضية نقل مقاتلات F-16 التكتيكية إلى كييف.
وجاء حديث الوزير الروسي ردا على تأكيد وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء أن واشنطن سوف تعلن عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لفائدة أوكرانيا، في وقت لاحق من الأسبوع الحالي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: «نواصل تزويد أوكرانيا بالمدفعية والأسلحة. وستكون لدينا إعلانات جديدة في وقت لاحق من هذا الأسبوع عن المساعدات الإضافية التي نخطط لتقديمها لأوكرانيا».
وتعد الولايات المتحدة أكبر داعم لأوكرانيا، وبلغت القيمة الإجمالية للمساعدات الأميركية المقدمة لكييف منذ بدء العملية العسكرية الروسية، نحو 60 مليار دولار، بما فيها 43 مليار دولار من المساعدات العسكرية. وقالت واشنطن أخيرا إنها ستقدم رزمة جديدة من المساعدات تصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 160 مليار دولار.
قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن تصريحات الدول الغربية بشأن تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا هي أعذار فارغة لا أساس لها. وأضافت زاخاروفا، لراديو «سبوتنيك» إن «الضمانات الأمنية تفترض مسبقا كلمتي (ضمانات) و(أمن)، وبشكل عام هي مجموعة من الخصائص المعينة أيضا، ولكن هذه الخصائص مفقودة هنا. ولا يمكن لأحد هنا أن يقول أي شيء عنها، لذا فهذه أعذار فارغة لا أساس لها على الإطلاق»، بحسب ما أوردته وكالة «تاس» الروسية للأنباء.
كما أبرزت زاخاروفا تصريح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، بيتر ستانو، الثلاثاء بأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا لأنه ليس منظمة عسكرية. وقالت زاخاروفا إن الاتحاد الأوروبي غير قادر حاليا على ضمان أي شيء، حتى داخل التكتل نفسه بشكل مباشر، بسبب «الجمود السياسي والآيديولوجي». وأضافت زاخاروفا: «لا يمكنهم ضمان أي شيء لأنفسهم، ولا يمكنهم ضمان إمدادات ثابتة من موارد الطاقة، التي يحتاجونها مثلما يحتاج الكائن الحي الدم. ولا يمكنهم إجراء تحقيق لتحديد من قوض أمن الطاقة لديهم. لقد أصبحوا هم أنفسهم تابعين لسلطة استعمارية واحدة».
الشرق الأوسط