هل يتجه حزب القانون والعدالة الى إنتخابات مبكرة ؟ التاريخ ليس في صالحهم !
بقلم رئيس التحرير – وسيم أبو حسن
تصاعدت خلال اليومين الماضيين الأصوات داخل حزب القانون والعدالة للإتجاه نحو إنتخابات برلمانية مبكرة على إثر الخلاف بين شركاء تحالف اليمين .
وظهر الخلاف الى العلن خلال التصويت على قانون حقوق الحيوانات في بولندا ، حيث صوت حلفاء القانون والعدالة في تحالف اليمين ضد القانون المقترح من قبل PIS .
فخلال التصويت على القانون صوت جميع أعضاء حزب تضامن بولندا ( من تحالف اليمين ) بمن فيهم زغيم الحزب و وزير العدل Zbigniew Ziobro – ضد تعديل القانون ، كما امتنع 15 نائباً من (Porozumienia العضو أيضاً في تحالف اليمين ) عن التصويت ، وعارض اثنان ، بما فيهم وزير الزراعة an Krzysztof Ardanowski ، وقد حظي مشروع القانون بتأييد 176 عضوًا ( من اصل 198 نائب ) من حزب القانون والعدالة ، ووزير التنمية Jadwiga Emilewicz منPorozumienia
مما يتشكل تحالف اليمين ؟
يتشكل تحالف اليمين من ثلاثة أحزب رئيسية وهي :
حزب القانون والعدالة برئاسة / PIS برئاسة ياروسواف كاتشينسكي ، وهي الكتلة الأكبر في هذا التحالف
حزب تضامن بولندا / Solidarną Polskę برئاسة Zbigniew Ziobro / ربيغنيف جوبرو وهو وزير العدل الحالي في الحكومة
حزب الإتفاق / Porozumienie برئاسة Jarosław Gowin / ياروسواف غوفين ، النائب السابق لرئيس الوزرا
ويتكون البرلمان البولندي من 460 مقعداً ، ويمتلك تحالف اليمين منها 235 مقعد ، وهو أكثر من نصف عدد المقاعد ، ما يخوله تشكيل الحكومة منفرداً ، إضافة الى تمكنه من تمرير أي قانون داخل مجلس النواب دون تمكن المعارضة من تعطيله
وتتوزع مقاعد تحالف اليمين على الشكل التالي
القانون والعدالة / PIS لديه 198 مقعد
تضامن بولندا / Solidarną Polskę لديه 19 مقعد
الإتفاق / Porozumienie لديه 18 مقعد
قانون حقوق الحيوانات ليس الخلاف الوحيد !
لا يقتصر الخلاف بين أحزب تحالف اليمين على قانون حقوق الحيوانات في بولندا ، وإن كان التصويت على القانون هو ما صعد بالخلاف الى الواجهة ، فالخلاف بينهم يرجع بالأساس الى الإتفاق على السياسة الجديدة لـ التحالف خلال السنوات الثلاث القادمة ( قبل الإنتخابات البرلمانية القادمة )
فمنذ تشكيل التحالف عام 2015 ، إتفقت أحزاب تحالف اليمين على إعادة صياغة الإتفاق بعد إنتخابات الرئاسة في بولندا ، وهو ما بدأ منذ شهر تقريباً ، للتوافق على تشكيل الحكومة الجديدة ، والإتفاق على سياسة تحالف اليمين لإدارة البلاد خلال المرحلة القادمة .
ومنذ بداية المفاوضات حول الصيغة الجديدة للتحالف ، أعلن كاتشينسكي رئيس حزب القانون والعدالة ( الكتلة الأكبر في البرلمان ) عن تقليص عدد الوزرات في الحكومة الجديدة ليصبح 12 وزارة فقط ، على أن يحصل حليفي القانون والعدالة على وزارة واحدة لكل منهم ، وهو – بحسب التسريبات الإعلامية – ما لم يعجب حلفاء القانون والعدالة .
الخيارات المطروحة
الخيار الأول – إنتخابات برلمانية مبكرة
إقترح بعض أعضاء حزب القانون والعدالة الدعوة الى إنتخابات برلمانية مبكرة ، يخوض فيها الحزب الإنتخابات منفرداً دون شركاء في محاولة للحصول على أكثر من نصف المقاعد في البرلمان ، للعمل على تشكيل حكومة بشكل منفر .
الخيار الثاني – تشكيل حكومة أقلية
حتى مع خروج حلفاء القانون والعدالة من تحالف اليمين ، فإن الحزب سيبقى الكتلة الأكبر في البرلمان ، وبحسب الدستور فإن الرئيس يقوم بتكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة ، الا أن الحكومة الجديدة يجب أن تحظى بموافقة أكثر من نصف عدد النواب في البرلمان ، وهذا صعب في ظل خسارة القانون والعدالة لـ الأغلبية في البرلمان .
كما أنه في حال تشكيل حكومة بهذه الطريقة ، فإنها ستكون حكومة مشلولة الصلاحيات ، لأنها قراراتها ستواجه معارضة دائمة داخل البرلمان ، لكون الحكومة لا تمتلك عدد نواب يسمح لها بتمرير أي قرار .
الخيار الثالث – تحالفات جديدة داخل البرلمان
على الرغم من أن هذا الخيار مستبعد ، الا أنه يبقى مطروح للتدوال ، حيث يمكن لحزب القانون والعدالة من أن يقوم بالتحالف مع أحد مكونات المعارضة البولندية ، لتشكيل حكومة إئتلافية من الطرفين ، لضمان تمرير التشكيلة الحكومية وحصولها على عدد أصوات كافي في البرلمان ، الا أن الخلافات السياسية والأيديولوجية الكبيرة بين القانون والعدالة وباقي أحزب المعارضة ستكون عائق كبير أمام تشكيل مثل هذا التحالف .
التاريخ ليس في صالح حزب القانون والعدالة
على الرغم من أن حزب القانون والعدالة لا يزال يتصدر استطلاعات الرأي فيما يخص الإنتخابات البرلمانية ، الا أن السوابق التاريخية في هذا المجال تأتي في عكس مصلحة حزب القانون والعدالة .
ففي عام 2007 عندما قرر ياروسواف كاتشينسكي انهاء التحالف مع حزب Samoobroną ( شريكه في الحكم في وقتها ) وقام بالدعوة الى إنتخابات مبكرة ، لم يحصل حزب القانون والعدالة في وقتها على أغلبية برلمانية في الإنتخابات ، وخرج من السلطة وبقي على مقاعد المعارضة .
وايضاً عندما قام رغيم حزب AWS بقيادة Jerzego Buzka بتشكيل حكومة أقلية برلمانية بين عامي (2000-2001) ، خسر في الإنتخابات التالية ، ونتيجة لذلك لم يتوقف هذا الحزب عن حكم بولندا فحسب ، بل لم يدخل البرلمان بعد ذلك أبداً ، ونتيجة لذلك اختفى من المشهد السياسي البولندي بشكل كامل ، ووقع في المشكلة ذاتها الحزب الديمقراطي اليساري في انتخابات 2005 .
الإنتخابات المُبكرة ليست في صالح حلفاء القانون والعدالة
في حال إجراء إنتخابات مُبكرة فإن الخاسر الأكبر سيكون شركاء القانون والعدالة في تحالف اليمين ، فعلى الرغم من أن حزب تضامن بولندا / Solidarną Polskę بقيادة زبيغنيف جوبرو لديه 19 مقعد ، وحزب الإتفاق / Porozumienie بقيادة ياروسواف غوفين لديه 18 مقعد ، فإن حصولهم على هذا العدد من المقاعد يعود لإدراج أسماء مرشحيهم على قائمة حزب القانون والعدالة
وتشير إستطلاعات الرأي الى أن نسبة تأييد الحزبين ( تضامن بولندا و الإتفاق ) مجتمعين لا تزيد عن 2% من نسبة التصويت ، وفي حال دخولهم الإنتخابات منفردين ، فإنهم على الأغلب لن يحصلوا على أي مقعد في البرلمان !
هل سيتنازل الطرفان بهدف البقاء في الحكم ؟
بالنسبة للعارفين بشخصية ياروسواف كاتشينسكي زعيم حزب القانون والعدالة ، فإنه من المستبعد بأن يقوم بالتنازل لحلفائة في تحالف اليمين ، فهو من الشخصيات المستعدة الذهاب سياسياً الى حافة الهاوية على أن يقدم التنازلات لشركائه في التحالف ، خصوصاً وأن إستطلاعات الرأي تشير الى حصول حزبه على أكثر من 40% من مقاعد البرلمان في حال خوض إنتخابات برلمانية مُبكرة .
أما بالنسبة لحلفاء القانون والعدالة ، ولمعرفتهم بأن خوضهم للإنتخابات بشكل منفرد قد يفضي الى خروجهم من البرلمان ، وذلك لأن التحليلات تشير الى أن ما يقومون به هو ” مقامرة سياسية ” بهدف الحصول على المزيد من المكاسب على صعيد تشكيل الحكومة أو المشاركة في تحديد سياسة البلاد خلال المرحلة القادمة .
ومن غير المعروف حتى اللحظة الى أي مرحلة يمكن أن يذهب حلفاء القانون والعدالة في ” مقامرتهم ” لتحقيق تلك المكاسب ، أو ربما لديهم خطة لـ الدخول في تحالفات جديدة خلال الأنتخابات البرلمانية المُبكرة في حال حدوثها .
هل المعارضة جاهزة لـ إنتخابات برلمانية مُبكرة ؟
بحسب إستطلاع الرأي الأخير لـ مؤسسة CBOS ، فإنه في حال إجراء إنتخابات برلمانية مُبكرة ، فإن تحالف اليمين ( الذي قد لا يستمر ) سيحصل على 41٪ من اصوات الناخبين ( بتراجع قدره ثلاث نقاط عن استطلاعات الشهر الماضي ) ، فيما سيحصل التحالف المدني على 22% ( بزيادة قدرها 3% ) كما سيحصل Konfederacja على 8% و واليسار 5% ، فيما سيحصل كل من PSL، Kukiz’15 على 3% فقط .
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير الى أن حزب القانون والعدالة قد يحصل على العدد الأكبر من الأصوات ، الا أن هذه الأصوات لن تكون كافية لحصولهم على أغلبية في البرلمان لتشكل الحكومة منفردين ، كما أن إنتخابات الرئاسة الماضية في بولندا ، أنتجت منافس حقيقي على الساحة السياسة ، وهو رافاو تشاسكوفسكي ، عمدة مدينة وراسو ، والذي حصل على 48% تقريباً من أصوات الناخبين في الإنتخابات الرئاسية .
ولكن في الوقت ذاته فإن أصوات معظم أحزاب المعارضة لم تذهب لـ تشاسكوفسكي بسبب توافقهم مع خظه السياسي ، ولكن بسبب معارضتهم الشديدة لـ الرئيس اندريه دودا ، وسياسة حزب القانون والعدالة ، ولذلك يبقى السؤال مفتوحاً حول إستعداد المعارضة لتشكيل تحالف سياسي يمكنهم من قلب الخريطة السياسية في بولندا ، والتي قد ترجح كفتهم في الإنتخابات للحصول على عدد مقاعد يخولهم تشكيل الحكومة !