بولندا تشعل النيران بين روسيا والناتو
اعلنت بولندا أن هناك إجماعًا بين الدول الأعضاء في حلف الناتو على أن العلاقات بين الحلف وروسيا لن تعود إلى سابق عهدها أبدًا.
هذا التصريح الخطير يأتي بعد يوم واحد فقط من دعوة المجلس البرلماني لحلف شمال الأطلسي يوم 30 مايو الحالي الدول الأعضاء في الحلف إلى الاستعداد للرد على “التهديد المحتمل” المتمثل بعدوان روسي ضد الدول الأعضاء في الناتو. وأكد رئيس المجلس مايكل ترنر أن “التحدي الذي تمثله روسيا حقيقي وخطير.
كل هذه التصريحات يتم إطلاقها تمهيدا لقمة الناتو في بولندا في يوليو المقبل. وبالتالي، ليس غريبًا أو مفاجئًا أن تكون بولندا تحديدا في مقدمة الصقور الأطلسية التي تصب الزيت على النار وتشعل ما يمكن إشعاله بين روسيا والحلف عمومًا، وبين روسيا وكل دولة من دول الحلف أيضًا. فرئيس مكتب الأمن الوطني البولندي بافيل سولوه قال إنه “بصرف النظر عن أي إشاعات وأنباء في وسائل الإعلام، فإن رأي الحلف بأسره قاطع، ولن تكون هناك عودة إلى البزنس كالمعتاد مع روسيا.. ورغم موقف روسيا، فإن قمة الناتو في وارسو ستشهد تحولا، حيث ستتخذ قرارات توسيع الحضور العسكري للناتو شرقا، بما في ذلك في بولندا.. ولن تكون هناك قواعد كلاسيكية، إلا أن ذلك الحضور الدولي الدائم يهدف إلى حماية الدول الأعضاء، وليس إجراء تدريبات فقط”.
ولا يعولون الساسة والعسكريون البولنديون فقط على إشعال النار بين روسيا والحلف، بل ويظهرون تحديا غريبا ومثيرا للتساؤلات. وزادت نغمة هذا التحدي بعد أن فتحت رومانيا أراضيها لنشر عناصر من الدرع الصاروخية الأمريكية، وتم الاتفاق على نشر عناصر أخرى على الأراضي البولندية بحلول عام 2018.
وعلى الرغم من كل هذه التصريحات البولندية والأمريكية، وتصريحات دول البلطيق العدائية، أعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج، ، أن الحلف يرغب بأن يجتمع مجلس “روسيا – الناتو”، قبل انعقاد قمة الحلف المرتقب في يوليو في العاصمة البولندية وارسو. وشدد على أن “الناتو لا يبحث عن مواجهات مع روسيا، نحن لا نريد حربا باردة جديدة”.
ويظهر من جديد العامل البولندي المتطرف، ليعلن وزير الخارجية فيتولد فاشيكوفسكي أن بلاده ستوافق على الدعوة لاجتماع مجلس “روسيا – الناتو”، فقط بعد أن يتم تحديد التزامات الحلف بتعزيز الجناح الشرقي، واتخاذ قرار بشأن التواجد العسكري للحلف على أراضيها.
ولكن الأمين العام للحلف، يظهر وجها آخر أكثر عدوانية رغم السياق المسالم. إذ أكد على أن روسيا، دولة جارة للحلف، وأنها تلعب دورا إيجابيا في حل القضايا الدولية، كما حدث في حل الملف النووي الإيراني والأسلحة الكيماوية في سوريا، إلا أنه وصف روسيا في الوقت نفسه بأنها “أحد التهديدات للناتو من جهة الشرق”.
من الواضح أن قادة الحلف يعرفون جيدا أن روسيا حريصة على حضور مجلس “روسيا – الناتو” لأسباب كثيرة، على رأسها إبلاغ رسالتها إلى الحلف والعالم بأنها ترفض رفضا قاطعا توسع الحلف نحو حدودها، وترفض نشر عناصر الدرع الصاروخية في أوروبا، وترفض ضم دول جديدة وبالذات من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وبالتالي، فالحلف يضع موسكو أمام اختيارات صعبة، ولا يترك لها أي مجال للمناورة. وأمام هذه المعادلة الصارمة، صرح المندوب الروسي الدائم لدى حلف الناتو ألكسندر جروشكو، في وقت سابق، أنه لم تجر بعد أي مشاورات حول اجتماع جديد لمجلس “روسيا – الناتو”. هذا إضافة إلى تحذيرات الكرملين ووزارة الخارجية الروسية من مغامرات الناتو والولايات المتحدة وتلاعبهما بجوهر وصمام أمان الأمن الأوروبي.
وكالات