بولندا تشعل حرب التصريحات حول الميسترال
أشعلت حاملتا الميسترال المصريتان «أنور السادات، جمال عبد الناصر»، حرب التصريحات بين دول شرق أوروبا، المدعومة من الولايات المتحدة وبين روسيا حول الأزمة الأوكرانية.
وفي تصريح فاجأ الجميع، قال وزير الدفاع البولندي، أنطونى ماتشيريفتش، إن مصر باعت سفينتي الميسترال فرنسيتي الصنع إلى روسيا مقابل سعر رمزى قيمته دولار واحد، مؤكدا أن لديه معلومات من “مصادر جيدة” بهذا الخصوص، لكنه رفض الكشف عنها، متابعا: “إذا انسحبت مصر من هذه العملية، فسيكون مكسبا للسلام فى العالم، ودرسا جيدا لروسيا”.
وكانت مصر اشترت حاملتي الميسترال من فرنسا، خلال تعاقد بقيمة 950 مليون يورو العام الماضي، بعد نشوب خلافات بين روسيا وفرنسا حول الوضع في أوكرانيا، وتسلمت البحرية المصرية الحاملتين من فرنسا خلال العام الجاري.
من جانبهما، نفت مصر وروسيا الادعاءات، فوصفت الأخيرة تصريحات وزير الدفاع البولندي بـ”غير المنطقية”، والهدف منها الدعاية فقط، ليتطابق الوصف ذاته مع تعليق السفارة المصرية فى موسكو، وتساءل رئيس المكتب الصحفى في السفارة: كيف يمكن التعليق على هذا، فى الوقت الذى يعرف فيه الجميع أن مصر تتفاوض مع روسيا حول شراء الأسلحة لـ”ميسترال”؟ إذن، كيف يمكن لمصر، برأيكم، بيعها بدولار واحد؟
من جهتها، اهتمت الصحافة الغربية والأمريكية بالحديث، مبرزة تصريحات وزير الدفاع البولندي بشأن بيع الميسترال لروسيا، وأن القاهرة ستكون وسيطًا فقط لوصول السفينتين الفرنسيتين إلى موسكو بعد رفض باريس بيعهما لها العام قبل الماضي، إثر ضم الروس شبة جزيرة القرم واشتداد المعركة في أوكرانيا بين الانفصالين المدعومين من روسيا والحكومة الجديدة المدعومة من قبل الناتو والدول الأوروبية.
وللتصريح أبعاد تتعلق في الأساس بالحرب المشتعلة بين واشنطن وموسكو حول الأزمة الأوكرانية، خاصة أنه جاء من وزير الدفاع البولندي الذي تتهمه موسكو بإنه يعمل مع حليفه الأمريكي لتهديدها، بعد إعلان بولندا استقبال قاعدة لأنظمة الدرع الصاروخية أمريكية التي من شأنها إغضاب الروس كثيرًا.
وفي الشهور القليلة الماضية، بدأت تتصاعد حدة اللهجة العسكرية الروسية مع بولندا، حيث نقلت موسكو صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية إلى كالينيجراد، وهي المنطقة التي تقع على حدود دول البلطيق، ما أثار مخاوف بعض المعلقين من احتمالية وقوع حرب، كما أن الخبر أثار مخاوف بولندا، التي ستكون ضمن مدى صاروخ إسكندر الروسي الذي نُقل إلى تلك المنطقة.
وانضمت بولندا لحلف الناتو في عام 1999، بعد عقدٍ من اندحار الشيوعية في أوروبا الشرقية، ومؤخرًا كانت وارسو من أكبر المنتقدين للدور الروسي في أوكرانيا، وطالما طالبت الناتو بتعزيز تواجده على الأراضي البولندية، وهو ما التزم به الناتو حيث نشر أربع كتائب جديدة ردًا على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
ومن الأبعاد الأخرى للتصريح البولندي الذي جاء في إطار محاولات الضغط على روسيا لتهدئة الوضع العسكري على الحدود البولندية، حشد المجتمع الدولي لصد التحركات الروسية العسكرية التي بدت في الفترة الأخيرة أنها تجهز لحرب عالمية ثالثة بحسب الصحف والوكالات العالمية التي قالت إن كل المؤشرات الداخلية والخارجية لموسكو تؤكد عزمها لاشتباك عسكري قادم.
ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون هدف التصريحات افتعال أزمة في العلاقات الروسية المصرية بإيعاز أمريكي، خاصة أنها جاءت في وقت تتعزز فيه العلاقات المصرية الروسية خاصة على المستوى العسكري، حيث أجرت روسيا ومصر تدريبات عسكرية تحت عنوان حماة الصداقة في مطروح، بالإضافة إلى تصويت القاهرة لصالح المشروع الروسي في مجلس الأمن، ما يثير القلق لدى واشنطن، خاصة أن الأخيرة يهمها أن تكون موسكو بعيده نسبيًا عن ملف شمال إفريقيا، لاسيما ليبيا الغنية بالنفط.
وفي ضوء ذلك، اهتمت الصحافة الروسية كثيرًا بالتدريبات العسكرية المشتركة بين القاهرة وموسكو، حيث أكدت ان لروسيا هدف من إقامة هذه التدريبات، وكانت أغلب التعليقات تصب حول أنها تريد أن تتعمق في الملف الليبي، وتحت عنوان “لماذا تدرب روسيا جنودها على الحروب في صحراء مصر؟”.
وقالت وكالة سبوتينك الروسية إن منطقة الشرق الأوسط أصبحت مسرحا ساخنا للمواجهات (الروسية-الأمريكية)، مشيرة إلى أن روسيا ترى أن الداخل الليبي ليس بعيدا عن الأمن الداخلي الروسي، وأن هدف المناورات أهمية الوضع الليبي لروسيا، مع ازدياد خطورة تنظيم “داعش” الإرهابي على الحدود (الليبية – المصرية).
وتعني هذه التوضيحات التي جاءت على لسان أحد الخبراء في أبرز الوكالات الروسية، أن لموسكو رغبة في تعزيز النفوذ في ليبيا وهو أمر تواجهه واشنطن بكل الطرق، حيث تمثل طرابلس بالنسبه لأمريكا كنزًا استراتيجيًا، وهو ما أشار له دونالد ترامب، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، في إحدى المناظرات الأخيرة.
محمود علي -البديل