بولندا سياسة
وسيم أبو حسن : هل تواجه مشاكل في التأقلم مع الحياه في بولندا ؟ تعرف على السبب !
يشتكي بعض أبناء الجاليات العربية في بولندا من صعوبات تواجههم خلال الفترة الأولى من وصولهم الى هذا البلد ، وتستمر المشكله مع البعض حتى بعد عدة سنوات قضوها في العمل أو الدراسة ، ويعود السبب الرئيسي في ذلك الى الأحكام المسبقة التي بنوها عن هذا البلد ، والتي اعتبروا فيها أن بولندا يجب أن تكون كجارتها ألمانيا ، أو كغيرها من باقي دول أوربا الغربية ، دون معرفة أي شيئ عن بولندا عدى عن كونها من دول الأتحاد الأوروبي ! .
ولكي تستطيع التأقلم مع الحياه في بولندا ، يجب عليك أولاً فهم العادات والتقاليد ، والتركيبة المجتمعية للمجتمع البولندي ، وفهم الاختلاف بين بولندا وباقي الدول ، اضافة الى الاطلاع ولو قليلاً على تاريخ بولندا ، حتى تصبح قادراً على فهم ردود الأفعال والتصرفات التي تواجهك بشكل يومي .
فـ بولندا لها وضع خاص ومختلف عن معظم دول أوربا الأخرى ، كونها دولة قومية ، معظم سكانها الأصليين على مر التاريخ هم من العرق السلافي الذي استوطن شرق أوربا بشكل خاص ، بعكس دول غرب أوربا التي اختلطت فيها الأعراق والقوميات منذ فترة طويلة لعدة أسباب تاريخية وسياسية ، ما يجعل تكوينتها العرقية أشبه ببلادنا العربية التي تأسست أيضاً بناءاً على اسس عرقية أو عرقية ودينيه معاً في بعض الأحيان ، حيث تجد كلمه “ عربية “ في اسماء معظم الدول في اشارة الى القومية العربية ! .
ولأن بولندا دولة قوميه فإن المقارنه بينها وبين باقي الدول الأوربية هي مقارنه مغلوطة بالمطلق ، فالمقارنه تكون بين شبيهين ، في حين أن بولندا تختلف تماماً عن دول غرب أوروبا التي انصهرت فيها عدة قومية ضمن أطار الأمه الواحدة ،.
بينما تكون المقارنه اصح عندما تكون مع دول قوميه أخرى كدولنا العربية ، كون طرفي المقارنه مبني على اسس مجتمعيه متشابهه .
فكلى الطرفين مبني على اساس عرقي وأثني محدد ، ويستمد الطرفين شرعيتهم وفخرهم من قوميتهم وديانتهم ، اضافة الى ان انفتاح الطرفين على الثقافات الأخرى محدود لعدة عوامل وظروف جيوسياسية .
ولذلك عليك عندما تبدأ بقياس تصرفاتك ، أو ردود الأفعال التي تشاهدها في هذا البلد ، أن تضع نصب عينيك المعايير الموجودة في بلدانا العربية ، فالموضوع متشابه الى حد كبير .
فبقدر ما تقبل المجتمعات العربية التصرفات الغريبة عن العادات والتقاليد ، يقبل البولنديين القدر ذاته من التصرفات سواء اكانت في الملبس أو نمط الحياة أو حتى طريقة الكلام !
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، هل تعتقد المجتمع العربي يمكن أن يقبل أن ترتدي المرأة البولندية نفس اللباس الذي ترتديه في بلدها عندما تأتي الى احد الدول العربية ؟
أو هل تقبل أن يقوم البولندي بتناول الكحول بشكل علني عند تواجده في أحد الدول العربية بحجه أن “ دينه “ يسمح له بذلك ؟
والأهم من كل هذا ، هل تقبل أن يقوم البولندي بسب أحد رموز بلدك حتى ولو كنت تختلف معه سواء اكان “ سياسياً ، رمز دينياً ، رمزاً فنياً … الخ “ ؟
فإن كنت لا تقبل بكل هذا بغض النظر ان كان الرفض لأسباب دينيه أو مجتمعيه ، فلا تتوقع من البولندي أن يقبل بأن تفعل المثل في بلده ، فأنت “ زائر “ في هذا البلد ، وعليك العيش ضمن الشروط الموجودة فيه ، او أن ترحل ! .
والخروج عن هذه القواعد يولد حالات من العنصرية والرفض التي تواجه أبناء الجاليات التي ترفض الخضوع الى القوانين والأعراف التي تسوس هذا البلد ، وان كان لا يمكن انكار وجود حالات من التعامل العنصري بناءً على الشكل أو لون البشره ، الا أن القسم الأكبر من حالات الاعتداء تلك ، سببها تصرفات بعض أفراد تلك الجاليات في بولندا ، ما انعكس سلباً على جميع .
اضافة الى حالات الاعتداء “ العنصري “ في بولندا ، لا تعتبر أكثر من مثيلاتها في دول أوروبا الغربية ، ففي كل اسبوع تقريباً يتم تسجيل حالات اعتداء في المانيا والسويد وغيرها من الدول الأوروبية .
وإن كنت تعيش ضمن القانون محترماً العادات والتقاليد في بولندا ، فتأكد ان نسبة تعرضك لإعتداء عنصري لا تتجاوز 0.01% وستكون مرتبطة بوجودك في المكان الغير مناسب في الوقت الغير مناسب ، وهي نسبة مشابه لما يمكن أن تتعرض له حتى في بلادك فقط لأنك من مدينة غير مدينتك .
في النهاية لست بصدد الدفاع عن بولندا أو غيرها من الدول ، إنما الهدف من هذه الماده هو تصحيح التصور المسبق المأخوذ عن بولندا بأنها ستكون مشابهة لباقي دول أوربا ، بينما هي حاله خاصة ، ولتتمكن من التأقلم مع المجتمع البولندي ، عليك معرفة المعايير التي تنظم سير الحياه اليومية والتي تختلف عن باقي دول أوروبا .