بعض الأشياء التي ستغير نظرتك الى بولندا ؟
لطالما ارتبطت بولندا في مخيلة الكثيرين باللون الرمادي القاتم والسبب راجع، ربما، لذلك الكم من الأفلام الوثائقية عن الحرب العالمية الثانية التي تختزل هذا البلد، للأسف، في صورة دويلة من أوروبا الوسطى انعتقت لتوها من براثن الشيوعية. ولكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، فلبولندا من الإمكانيات والخصائص والغنى الثقافي والحضاري ما يجعلها قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجهك وتسحرك ما أن أنت أمعنت النظر في خبايا ومزايا هذا البلد.
إن كل من يزور بولندا للمرة الأولى يقف مشدوها أمام كل هذه الألوان الزاهية والأطباق المتنوعة والتماثيل التي تدب فيها الحياة والبنايات الشامخة التي تعود هندستها إلى القرون الوسطى وكذلك التنوع الجغرافي الذي يروي ظمأ السياح وكل عشاق الاستكشاف. لذا احزموا أمتعتكم ففي هذه المقالة، سنأخذكم في رحلة إلى بولندا وسنقدم لكم أغرب الأشياء التي يمكن أن تصادفوها أثناء رحلتكم.
تنين حقيقي في كراكوف:
جل الأساطير التي تعود إلى العصور الوسطى لا تخلوا من وجود تنين يقض مضجع السكان ويرهبهم بالنيران التي ينفثها من فمه الكبير. ولا أخفيكم سرا أن واحدا من هذه التنانين مازال بيننا وهو الآن يقف مزهوا أمام السياح القادمين لزيارة مدينة كراكوف مثيرا ذعر الفضوليين منهم. يخيل للأطفال من الوهلة الأولى أنه تمثال حجري ولكن ما إن ينفث حمما نارية تتصاعد في السماء حتى يعيدوا التفكير مليا قبل الاقتراب منه. إنه تنين فافيل” الذي صال وجال في كل أرجاء المدينة حسب معتقدات سكان كراكوف.
فروتسواف أو مدينة الأقزام:
لكيلا يتسلل الملل إلى قلبك وأنت تتنزه بين أزقة المدينة والكاتدرائيات والأسواق والساحات، هناك لعبة طريفة يمكنك القيام بها أثناء زيارتك لمدينة فروتسواف. حاول أن تبحث عن الأقزام، نعم أقزام…إنها ليست مزحة. فمنذ 2001 والمدينة تعج بتماثيل صغير لأقزام وهم يزاولون أنشطتهم المريبة وهذه التماثيل يمكن ان تجدها تقريبا في كل مكان. إنهم في الحقيقة في غاية اللطف وسيضفون جوا فريدا على الصور التي ستلتقطها وأيضا على رحلتك لاستكشاف معالم المدينة. وإن كنت تتساءل لماذا الأقزام فالجواب بسيط لأن “البرتقالة البديلة” وهي حركة بولندية سرية مناهضة للشيوعية كانت تتخذ الأقزام كشعار لها.
استحضار روح شوبان وأنت على الكراسي العمومية في وارسو:
أمام كل هذا الزخم من المعلومات التاريخية والفضاءات الخلابة و التي بإمكانك التعرف عليها في وارسو ستشعر حتما بالتعب وأنت تجوب شوارع هذه المدينة الكبيرة. سلطات المدينة لم تغفل عن هذا الأمر وجهزت 15 مقعدا أنيقا من الحجر الأسود على امتداد شارع المدينة القديمة. حيث يمكنك أخذ قسط من الراحة اضافة الى، الاستمتاع بموسيقى شوبان بمجرد الضغط على زر التشغيل وكذلك التعرف على حياة هذه الأسطورة الموسيقية التي رأت النور في بولندا.
تماثيل من الملح في متحف تحت الأرض ب “فييليتشكا”
وإن كنت من محبي أفلام الخيال فإن منجم الملح ب “فييليتشكا” الذي كان لا يزال يعمل إلى حدود سنة 2007 والذي صار إرثا ثقافيا ووجهة سياحية لمحبي الاستكشافات وممن لديهم الجرأة على ولوج هذه المعلمة التحت-أرضية. بلا شك، فهذا المتحف سيجعل مشاعرك تتحرك وأنت تقف أما هذا الجمال السريالي وهذه التحف العجيبة التي أبدعتها أيادي أجيال من عمال المناجم على مدى مئات السنين. ليس هذا فحسب، بل هناك كاتدرائية تحت الأرض حيث جمعت بداخلها منحوتات فريدة من الملح يمكنك الاستمتاع برؤيتها داخل هذا الفضاء البديع.
لا تتجرأ على قطع الشارع والإشارة حمراء:
ربما تكون في عجلة من أمرك والشارع يبدو خال من السيارات في حين أن إشارة المرور حمراء، هذا الموقف قد يدفعك إلى قطع الشارع لأنك تظن أن الأمر عادي ولا يشكل حرقا سافرا للقانون ربما في بلدك أو في بلدان أخرى قد قمت بزيارتها. لكن، تمهل قليلا وانظر من حولك فكل البولنديين يصطفون أمام إشارة المرور ولا يبارحون مكانهم حتى يتغير لون الإشارة إلى الأخضر وهذا راجع إلى قوانين السير الصارمة في بولندا فقطع الشارع أثناء الإشارة الحمراء قد يعرضك إلى غرامة باهظة. لذا، فكر مليا قبل الاقدام على مثل هذه المجازفة.
مأكولات يسيل لها اللعاب:
لا أظن أن أحداً يستطيع أن يتمالك نفسه أمام الشطائر الطازجة والمحشوة بالتوت أو أمام الحساء الأحمر البارد الشهير وقطع البيض المسلوق التي تسبح بداخله أو ربما فطائر البطاطس اللذيذة أو بيتزا بصلصة الطماطم, إن المطبخ البولندي متنوع وذو مذاق رفيع وللاستمتاع به، يجب عليك أن تتخلص من كل الأحكام المسبقة ولا تنسى أن تجرب “البيروغي” إنها فعلا أكلة مميزة.
أشجار تحتسي “الفودكا”
يحلو للبولنديين تفسير الشكل الغريب للأشجار التي تبدو تارة ملتوية تارة مقلوبة والتي تميز الفضاء الغابوي للبلد على أنها صارت كذلك بفعل شراب “الفودكا”. هذه التفسيرات تضفي شيئا من الفكاهة الممزوجة بالغرابة حول كيفية نشأة هذه الأشجار العجيبة. ومن دون شك فالأطفال سيجدون متعة لا متناهية في اللعب والاختباء بين جذوع وأغصان هذه الأشجار “المخمورة”.
تماثيل مسلية:
أظن أنه لو كانت هنالك رياضة وطنية لبولندا، سيكون تشيد التماثيل الرياضة الأولى بدون منازع. البولنديون يعشقون التماثيل وهي موجودة في كل مكان. قد ترسم بعضها ابتسامة عريضة على محيي الناظر، لكن جلها يخفي وراءه قصة أو حدثا تاريخيا قد يصدمك أو يدهشك أو ربما يثير بهجتك. هناك عديد أمثلة على ذلك، يمكن أن ترغب في رؤيتها عن قرب أو التقاط صورة تذكارية بمحاذاتها: تمثال الصبي المنتصب في “غدانسك” أو تمثال الخنزير الميت على ضفاف نهر “الفيستولا” وكذا تمثال لينين البوال أو ربما أكبر تمثال للسيد المسيح في العالم. هناك العديد منها تتنظر زيارتك.
وارسو القديمة-الجديدة:
تعتبر المدينة القديمة لوارسو ارثا حضاريا عالميا من طرف اليونيسكو لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه المدينة حديثة البناء وقد تم ترميمها بعد الحرب العالمية الثانية حيث أن 90 في المئة من المدينة كانت عبارة عن أطلال جراء الحرب التي راح ضحيتها خمس سكان المدينة. وقد شمل الترميم كل من القصر الملكي وأسوار المدينة وسوق المدينة القديمة وكذا المنازل أيضا. وتمت عملية الترميم بشكل دقيق لمحاكاة هندسة المدينة ما قبل الحرب وتم الاعتماد في ذلك على لوحات تعود للقرن 18 للفنان الإيطالي “بيرناردو بيلوتو”.
ترجمة :زهير المرابط