الجالية القطرية
تدشين مرحلة جديدة من التعاون الثنائي بين قطر وبولندا…مقابلة مع سفير بولندا في الدوحة
أكد كشيشتوف سوبروفيتش سفير بولندا لدى الدوحة في حوار لـ «العرب» أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد إلى بولندا الخميس 44 مايو الجاري، تعد زيارة تاريخية؛ كونها الأولى لسموه، لافتاً إلى أنها «زيارة طال انتظارها» من قبل القيادة والشعب في بولندا؛ لأجل ترقية العلاقات الممتازة إلى علاقات استراتيجية، تجعل بولندا الشريك الرئيسي لقطر وسط أوروبا الشرقية.
ولفت السفير إلى أن الزيارة المرتقبة من شأنها أن تتوج بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ، أبرزها مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة وزارية مشتركة للتعاون، اتفاق للتعاون في مجال العلوم الطبية والرعاية الصحية، اتفاق للتعاون في مجال الثقافة، في وقت بلغت المبادلات التجارية بين البلدين نحو 1.4 مليار ريال قطري (345.5 مليون يورو) عام 2016، وتفاصيل أخرى، في نص الحوار التالي:
{loadposition TOP3}
ما أهمية الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر إلى بولندا، في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين؟
– إنها زيارة طال انتظارها، وذات أهمية قصوى، وحاسمة للعلاقات بين بولندا وقطر، وكان آخر لقاء على أعلى مستوى بين قيادتي البلدين العام 2013، عندما زار رئيس جمهورية بولندا برونيسلاو كوموروسكي الدوحة، وبالنسبة لحكومة بولندا، فإن زيارة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر هي تأكيد العلاقات السياسية الممتازة.
ويرتقب أن يلتقي سمو الأمير فخامة رئيس بولندا السيد أندري دودا، ورئيسة الوزراء السيدة بيتا سيدلو، ورئيس البرلمان السيد ماريك كوشينسكي، وهم كبار المسؤولين التنفيذيين في بلادنا.
إننا ننظر إلى علاقاتنا الثنائية ببعد استراتيجي، ولقد كانت قطر الشريك الأول والوحيد الذي قدم لنا المساعدة في تنفيذ استراتيجية تنويع وارداتنا من الغاز، ونحن نعتز بهذا التعاون و نريد تطويره. ومنذ ذلك الوقت شهدنا العديد من التطورات الهامة الجديدة، وقد بدأنا استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر في عام 2016؛ حيث وقعت شركة قطر غاز، وشركة النفط والغاز البولندية في مارس 2017 اتفاقية إضافية لزيادة حجم الغاز الطبيعي المسال بنسبة %100.
ما هي القضايا التي يمكن أن تتناولها محادثات قيادتي البلدين بمناسبة الزيارة؟
– ستعكس قضايا النقاش نطاق تعاوننا، وسوف تغطي أيضاً القطاعات التي نود أن تتطور، وأهمها التعاون في قطاع الطاقة الذي يشكل أساس العلاقات البولندية القطرية وبعدها الاستراتيجي، ومن المؤكد أنه سيتم مناقشة الإطار القانوني، وخلال الزيارة، فإن قطر وبولندا سيعملان على توسيع، وتطوير التعاون بشكل كبير، وسيتم مناقشة الاتفاقيات التي سيتم توقيعها في المستقبل القريب.
إن ما تريده قيادتنا في بولندا أن تنقله إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر بمناسبة زيارته، هو نية بولندا في أن تصبح الشريك الرئيسي لدولة قطر في وسط أوروبا الشرقية، ومن تم تقديم رؤيتنا المستقبلية لهذه المنطقة، ودور بولندا فيه كدولة رائدة، كما أننا نود أن نشجع شركائنا القطريين على إلقاء نظرة أكثر شمولية على الفرص التي توفرها لهم بولندا.
وبالتأكيد سيتم التطرق إلى تعاون أوثق مع قطر في الاقتصاد والتجارة والاستثمارات، وكذلك في الأسواق الخارجية المشتركة، ونحن ملتزمون باتخاذ خطوات لموازنة العجز التجاري المتنامي الناجم عن واردات الغاز الطبيعي المسال، ومن ثم سيقدم القادة البولنديون إلى صاحب السمو أمير قطر أفكاراً حول تطوير علاقاتنا التجارية.
واعترافاً بدور قطر الكبير في تقديم المساعدات الإنسانية، سوف تقوم الحكومة البولندية بإبداء عزمها على تطوير استكشاف إمكانيات التعاون المشترك مع قطر في هذا المجال في الشرق الأوسط وإفريقيا.
كما سيؤكد زعماؤنا لسمو أمير قطر حرص بولندا على التعاون المشترك مع قطر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وتكثيف التعاون في قطاعي الدفاع والأمن، كما ستتم مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بالاستفادة من اطلاع قطر ودرايتها الفريدة بالقضايا الإقليمية، وعملية السلام في الشرق الأوسط، وسوريا، وليبيا، واليمن.
كيف ترى الطبقة السياسية في بولندا والشعب البولندي أهمية الزيارة؟
– كما سبق أن ذكرت، فإنها زيارة طال انتظارها، وهي الزيارة الرسمية الأولى لبولندا لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وهي زيارة تاريخية تماماً في بعدها، وإن التوقعات البولندية من الزيارة مرتفعة، ولكنها واقعية، وإن السياسيين في بولندا لديهم فهم كامل لمعنى شراكتنا الاستراتيجية، ودور قطر الحديث على الساحة الدولية، أما بالنسبة للناس العاديين، على الأرجح فإنهم ينظرون إلى قطر أساساً كمنظم لمونديال 2022، ولكن قطر لديها صورة إيجابية جداً في بلدي، وأنا على اقتناع أن البولنديين سيبدون اهتماماً بالغاً بزيارة الوفد القطري.
{loadposition TOP13}
هل هناك اتفاقيات سيتم توقيعها بمناسبة الزيارة؟
– بالفعل، وقد عمل الجانبان جاهدين على وضع سلسلة من الاتفاقيات الجاهزة للتوقيع عليها خلال هذه الزيارة، وقد جهّزنا مذكرة تفاهم حول إنشاء لجنة وزارية مشتركة للتعاون، واتفاقاً للتعاون في مجال العلوم الطبية والرعاية الصحية، واتفاقاً للتعاون في مجال الثقافة.
ماذا عن حجم التجارة بين البلدين، الصادرات والواردات الرئيسية؟
– تعد قطر حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لبولندا بين دول مجلس التعاون الخليجي، ومنذ سنوات، لاحظنا تزايد الصادرات البولندية إلى قطر؛ حيث بلغ حجم التجارة المتبادلة بين البلدين 345.5 مليون يورو عام 2016، وجزء كبير منها عبارة عن واردات الغاز الطبيعي المسال من قطر، وهي تمثل البند الرئيسي في التبادل التجاري لدينا، في حين أن أكبر مبيعات بولندا إلى قطر تشمل الآلات، والمعدات الكهربائية، والمواد الغذائية.
ما هي فرص الاستثمار التي توفرها بلادكم للمستثمرين القطريين؟
– بولندا تحتل المرتبة 24 بين اقتصاديات العالم، نحن، على سبيل المثال، أكبر من النرويج، وبلجيكا، والإمارات العربية المتحدة، والنمسا، وإيران، أو تايلاند، وإن بلدنا يوفر فرصاً تجارية واسعة، مع اقتصاد صحي ومتنوع، وبنية تحتية رائعة، فضلاً عن بيئة قانونية ودية وآمنة، ولدينا أيضاً كل ما يحتاج إليه الناس لضمان حياة طيبة، من البحار، والجبال، والبحيرات، والأنهار، والغابات الكبيرة، والمدن النابضة بالحياة، والمدن الصغيرة المريحة، وأكثر من 1050 عاماً من تاريخ دولتنا ومجتمعنا الحديث.
إن كل قطاع تقريباً في بولندا يوفر فرصاً رائعة للاستثمارات، مع الأخذ بعين الاعتبار شراكتنا الاستراتيجية، فإن عرضنا للمستثمرين القطريين سيشمل مشاريع ضخمة ذات أهمية حيوية.
هل هناك مفاوضات لأي مشاريع مشتركة؟
– نحن نتوقع بالتأكيد أن تكون هذه المفاوضات إحدى النتائج الهامة لهذه الزيارة، ولكننا في هذه المرحلة نقدم فقط لشركائنا مجموعة من المشاريع، وفرص الاستثمار.
ماذا عن التعاون في النفط والغاز؟
– بلدنا مرتبط باتفاقية لبيع وشراء الغاز الطبيعي المسال، وتقوم مصافي التكرير البولندية حالياً بتوسيع تعاونها مع بائعي النفط والغاز من منطقة الخليج، وقد بدأنا في تلقي النفط الخام من السعودية، والكويت، وإيران، ولا يمكن أن نستبعد وصول بعض الشحنات من قطر إلى محطات النفط البولندية.
هل هناك أي تعاون دفاعي أو أمني بين البلدين؟
– قطر وبولندا عضوان فاعلان في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وفي عام 2015 بدأنا التعاون العسكري من خلال قبول مجموعة من الطلاب القطريين في الأكاديمية البحرية لدينا في غدينيا، وخلال العام التالي، قمنا باسكتشاف إمكانيات زيادة تكثيف العلاقات في ميدان الدفاع والأمن، وقام نائب وزير الدفاع الوطني البولندي بزيارة إلى الدوحة، ونحن نعمل حالياً على إطار قانوني لتمكيننا من تشديد هذه الروابط، وفي وقت لاحق من هذا العام نتوقع أن نستضيف في بولندا رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، الذي سيختتم مرحلة الإعداد لإقامة تعاون ملموس وبناء.
ماذا عن التعاون في مجالات أخرى؟
– تلتزم بولندا بالتنمية المتعددة الأبعاد للتعاون مع قطر، وإلى جانب التعاون الوثيق في قطاعي الطاقة والدفاع، نود أن نقترح على شركائنا القطريين خيارات ممكنة في قطاعي الأغذية والزراعة، والخدمات الطبية، والبحث والتطوير، فضلاً عن المساعدة الإنسانية المشتركة، كما أن هناك فرصاً كبيرة في قطاع السياحة والرياضة والثقافة.
رؤية مشتركة لحل الأزمة السورية
قال سعادة كشيشتوف سوبروفيتش سفير بولندا لدى الدوحة لـ «العرب» إن بولندا، بوصفها الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، تؤيد موقف الاتحاد الأوروبي وتوقعاته، بشأن حل الأزمة في سوريا.
ولفت إلى أن «وجهة نظر قطر تلتقي مع موقف بلاده. ولدينا هدف مشترك ورؤية مشتركة لأجل سوريا آمنة وفعالة. وما هو أكثر من ذلك، أن كلاً من قطر وبولندا يؤمنان في الوضع الحالي بضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لملايين السوريين. إن المساعدات البولندية يتم توزيعها بين اللاجئين السوريين، وقد تمكنا من تنفيذ مشروع مشترك مع مؤسسة راف القطرية في مخيم للاجئين بتركيا. ونحن نتوقع المزيد من هذه المشاريع مستقبلاً».
ألف تأشيرة للقطريين سنوياً لزيارة بولندا
أكد كشيشتوف سوبروفيتش سفير بولندا لدى الدوحة لـ «العرب» أن القنصلية البولندية في الدوحة تصدر ألف تأشيرة، سنوياً. ومع ذلك، ليس لديها بيانات دقيقة حول عدد السياح القطريين الذين يزورون بولندا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بولندا تعد إحدى دول الاتحاد الأوروبي المنضوية ضمن فضاء «شنغن»، فهذا يعني بالضرورة أن الأشخاص الذين يحملون تأشيرة «شنغن» صالحة، وصادرة عن قنصلية بلد من منطقة شنغن، قد يسافرون إلى بولندا. ونوه إلى أن الخطوط الجوية القطرية تسيّر رحلات يومية إلى وارسو عبر طائرة إيرباص 330 الضخمة، طيلة أيام الأسبوع. وتستغرق الرحلة حوالي 5 ساعات ونصف.
وأشار السفير أن «المجتمع البولندي في قطر يتزايد باستمرار، ويمكن حالياً أن نحصي أكثر من 800 شخص. وهم يعملون في كل القطاعات تقريباً، بينهم عدد كبير من الطيارين والمضيفات. وهناك أيضاً العديد من البولنديين العاملين في مجال الرياضة في قطر. ولدينا أيضاً العديد من المهندسين والمهندسين المعماريين، ومتخصصون في المالية وتكنولوجيا المعلومات.
العرب