مقالات الرأي

الانعكاسات المحتملة للانتخابات البرلمانية البولندية بين آمال الحزب الحاكم ومخاوف المعارضة !

لقد مرّت أربعة أيام منذ الانتخابات البرلمانية في بولندا التي جرت يوم الاحد الماضي، بعد 4 سنوات من حكم حزب القانون والعدالة (PIS) حشد الناخبون من كلا الطرفين ما أدى الى زيادة نسبة الإقبال على التصويت لتصل إلى 61,74% (بالمقارنة – في الانتخابات البرلمانية في عام 2015 سجلت نسبة الاقبال على التصويت 50,92%).

بشكل عام، أكّدت 4 سنوات من حكم الحزب المذكور اقتناعات أنصاره وفي نفس الوقت أكّدت مخاوف المعارضين.

برغم من عدم رضا زعيم القانون والعدالة ياروسواف كاتشينسكي عن نتيجة حزبه، إلا أن الحزب حقق فوزاً عظيماً حاصلاً على 43,59 % من الأصوات ما يعطيه 51,09 % من المقاعد في مجلس النواب ويمكّنه من الحكم المستقل.

كثير من قرارات الحزب الحاكم في ولايته السابقة كانت مثيرة للجدل وبدأت احتجاجات عامة (ومنها اصلاح السلطة القضائية، اصلاح نظام التعليم، محاولات حظرالإجهاض الخ) وكذلك ظهرت فضائح لأعضاء من الحزب كمشاركتهم في (الافتراء على القضاة من الجهة المعارضة، بيت المتعة في عقار رئيس غرفة المراقبة العالية، قطع الأشجار في الغابات الوطنية على نطاق واسع …الخ) وكذلك تدهور موقف الدولة على المشهد الدولي بشكل واضح بسبب عدم وجود خبرة سياسية في العلاقات الخارجية.

ولكن في الوقت نفسه عمل الحزب على تقديم عدة برامج لدعم العائلات والمواطنين (خاصة الدعم المادي) ويبدو أن تركيزه على شؤون المواطنين العاديين ضمنت فوزه.

الخاسر الأكبر هو التحالف المدني (Koalicja Obywatelska) أي المعارضة المباشرة للحزب الحاكم المسمى بها عادة بـ: تحالف ضد حزب القانون والعدالة لأنه على مايبدو أن البرنامج الوحيد لهم هو عزلهم من السلطة ، ولكن الشعور العام هو أنه ليس لهذا التحالف فكرة عن مستقبل الدولة بعد التخلص من القانون والعدالة (وبعد مقاضاتهم على جرائمهم طبعاً وهو بالضبط حلم المعارضة).

مع كل ذلك، حصل التحالف على 27,40% من الأصوات وهذه النتيجة، تحت 30%، تدل بوضوح على تعب الناخبين بهذا التشكيل السياسي وعرضه وبشكل خاص بعدم حب زعيمه جشيجوش سخيتينا. الجائزة الترضية هي فوز المعارضة في مجلس الشيوخ ما يعطي لها إمكانية ابطاء عملية التشريع ومراقبة المسؤولين المنتخبين لأنهم يقدمون التقارير من عملهم أمام مجلس الشيوخ. في حالة أن مرشح المعارضة سوف يصبح رئيس الدولة فلهم جميعا إمكانية منع القوانين الجديدة على أساس النقض الرئاسي(الفيتو)وقبول هذا النقض من قبل مجلس الشيوخ.

ما يسعدني هو أن الكثير من البولنديين رفضوا أن يختاروا، كما نقول، “الأقل شراً” (ما يعني اختيار الحزب غير المحبوب ولكن أفضل من الحزب الثاني – وكان الاختيار لوقت طويل بين PIS وPO – الحزب الذي بدأ التحالف المدني). الدليل على ذلك هو رجوع اليسار الى البرلمان (وذلك بأخذ 12,56% أصوات) والنتيجة الجيدة على نحو مفاجئ لحزب الشعب البولندي (PSL) جميعا مع أنصار بافاو كوكيز.

سواء الاتفاق اليساري وتحالف PSL وKukiz تشكيلان متنوعان داخلياً وتعاملهما في البرلمان يثير الاهتمام. يبنى الاتفاق اليساري ثلاثة أحزاب – تحالف اليسار الديمقراطي (SLD) حزب ما بعد الشيوعية، معاً (Razem) – حزب اليساريون الشباب والربيع (Wiosna)… ومن الصعب أن يقول ما هو بالضبط ولكننه تشكيل على الجهة اليسارية من المشهد السياسي. وليس واضحاً ما هو أساس التعاون بين PSL وKukiz وإذا كانا سوف يصوتان بالإجماع في مجلس النواب.

كما وصل إلى البرلمان كذلك الحزب اليميني المتطرف – العنصري، المعاد للسامية وكاره النساء – Konfederacja. من المتوقع أنه سوف يتفق مع حزب القانون والعدالة وسيدعمه في حكم الدولة. يعكس Konfederacja أسوأ الميول في المجتمع البولندي وهو خليط من الشخصيات الغريبة الأطوار والمثيرة للجدل.

على كل حال، اخترنا ممثلينا للبرلمان ويجب علينا أن نتعايش مع هذا الخيار،و بذلك سيكون البرلمان أكثر تنوعاً وستم تمثيل الشعب البولندي بشكل أفضل , ولكن من الممكن أيضاً أن يكون مكاناً للمزيد من المشاجرات الساخنة كذلك. باختصار، بداية عمل البرلمان الجديد سيكون أمراً مثيراً للاهتمام دون شك لأنه مختلف بشكل كبير عن البرلمان السابق.

Zuzanna Oniszczuk-Gaik

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى