دولي

وسط تحذيرات .. هل تتكرر موجة لجوء الـ 2015؟

يزداد القلق الأوروبي من تكرار موجة اللجوء المليونية في عام 2015، في وقت تهدد فيه تركيا أوروبا مراراً وتكراراً بـ”فتح البوابات للاجئين”. فما الذي يغذي هذا القلق الأوروبي؟ وهل اتخذت ألمانيا احتياطاتها من احتمال تكرار 2015؟

عملية عسكرية تركية جديدة في سوريا أدت إلى نزوح عشرات الآلاف خلال بضعة أيام، وتهديدات تركية متكررة بإرسال اللاجئين إلى أوروبا، تتزامن مع ضغوطات متزايدة على اللاجئين السوريين في تركيا، بالإضافة إلى الأوضاع الكارثية التي يرزح تحتها اللاجئون في الجزر اليونانية، كل هذه العوامل ترسل إشارات تبعث على القلق لدى الدول الأوروبية من احتمال تكرار موجة اللجوء المليونية لعام 2015.

فبعد زيارة إلى تركيا واليونان الأسبوع الماضي، حذر وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر من تكرار موجة لجوء مليونية إلى أوروبا، وقال لصحيفة “بيلد أم زونتاغ” الألمانية: “يتعين علينا تقديم المزيد من المساعدة لشركائنا الأوروبيين في الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. لقد تركناهم بمفردهم طويلاً”. وأضاف الوزير: “إذا لم نقم بذلك، سنعيش موجة لجوء مثل عام 2015 وربما أكبر مما كانت عليه قبل أربعة أعوام”.

وأتت تصريحات زيهوفر بعد أن اطلع على أوضاع اللاجئين في اليونان، حيث تكتظ الجزر اليونانية بنحو 30 ألف لاجئ، ومع استمرار وصول مئات المهاجرين إليها، قادمين من تركيا، فقد اضطرت الحكومة اليونانية إلى نقل مئات اللاجئين إلى البر اليوناني، بعد وقوع أعمال عنف في بعض الجزر.

من هم اللاجئون الذين يتوجهون إلى أوروبا؟

بحسب صحيفة “دي تسايت” الألمانية فإن الأفغان يشكلون العدد الأكبر بين المهاجرين الذين يصلون حالياً إلى الجزر اليونانية، يليهم السوريون.
غالبية المهاجرين الأفغان لا يأتون مباشرة من بلدهم، كما تشير الصحيفة، بل من إيران التي كانوا يعيشون فيها، قبل أن يخرجوا منها نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية فيها بعد فرض العقوبات الأمريكية عليها العام الماضي. ويتخذ كثير من المهاجرين الأفغان تركيا محطة لهم قبل توجههم إلى أوروبا. ففي بداية عام 2018 وصل عدد اللاجئين الأفغان في تركيا إلى نحو 170 ألف شخص. وبسبب الضغوطات التركية الأخيرة على المهاجرين وصعوبة الأوضاع الاقتصادية فيها يتوجه الأفغان إلى أوروبا.

وليس الأفغان فحسب، بل إن اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا يستمرون بالهجرة إلى أوروبا، خاصة بعد أن قررت مدن تركية، وفي مقدمتها اسطنبول، ترحيل اللاجئين غير المسجلين فيها إلى مناطق أخرى.

ومع بدء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، فإن القلق يزداد من احتمال هجرة الناس عبر كردستان العراق وتركيا إلى أوروبا، خصوصاً وأن أكثر من سبعين ألف شخص نزحوا من بيوتهم خلال بضعة أيام من بدء الهجوم التركي.

وما يزيد هذا القلق أكثر هو تهديد أردوغان مجدداً بأن بلاده سترسل اللاجئين السوريين إلى أوروبا، إذا وصفت الدول الأوروبية التحرك العسكري التركي في سوريا بأنه “احتلال”.

وماعدا المهاجرين الذين يتوجهون إلى أوروبا عبر بحر إيجه، تستمر قوارب المهاجرين بالتوجه إلى إيطاليا من شمال إفريقيا عبر طريق وسط بحر المتوسط. وتجدر الإشارة إلى أعداد المهاجرين عبر هذا الطريق أقل مقارنة بالسنوات الماضية، وذلك يعود، إلى التعامل “الوحشي” لحرس الحدود الليبي، كما تقول صحيفة “دي تسايت الألمانية”.

ورغم توصل وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر إلى اتفاق مبدئي مع نظرائه في فرنسا وإيطاليا ومالطا على توزيع المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط، إلا أن غالبية الدول الأوروبية الأخرى تنظر إلى الاتفاق بشك، ما لم يؤدي حتى الآن إلى اتفاق أوروبي شامل حول توزيع المهاجرين.

هل اتخذت ألمانيا احتياطاتها في حال تكرار موجة 2015؟
عند بداية موجة اللجوء في عام 2015، لم تكن الدوائر الألمانية جاهزة للتعامل مع العدد الكبير من القادمين الجدد، ما جعلها تكاد تفقد السيطرة على الوضع. وبحسب “دي تسايت” فإن مكتب الشؤون الصحية والاجتماعية في برلين أصبح “رمز فقدان السيطرة”، حيث أشارت إلى أن موظفي المكتب كانوا يائسين تماماً في التعامل مع الوضع، كما أن اللاجئين كانوا ينامون في الشارع.

أما اليوم فإن المكتب لم يصبح أكثر تنظيماً فحسب، بل تم تغيير اسمه أيضاً ليصبح “مكتب شؤون اللاجئين في برلين”. وتشير “دي تسايت” إلى أن عدد الموظفين في المكتب ازداد ليبلغ ثلاثة أضعاف ما كان عليه في 2015، كما تم إنشاء مركز استقبال أولي “فعّال” يحتوي على قاعدة بيانات أمنية ونظام تعرف صوتي لتمييز اللغات واللهجات.

أما المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والذي يحمله الكثيرون مسؤولية السماح لدخول عدد كبير من المهاجرين بشكل غير قانوني، بالإضافة إلى تحميله مسؤولية الفشل في عمليات ترحيل المرفوضين، فقد زاد عدد موظفيه من 3 آلاف في عام 2015، إلى نحو 7 آلاف موظف، كما ذكرت الصحيفة.

ورغم أن ألمانيا أكثر استعداد من الناحية الإدارية لاستقبال المهاجرين مقارنة بالعام 2015، إلا أن ما يجعل الحكومة الألمانية “تتخذ جميع الإجراءات لمنع تكرار موجة لجوء 2015″، قد يكون المناخ السياسي في البلاد، حيث أدت موجة اللجوء المليونية إلى صعود تيار اليمين الشعبوي، ليس فقط في ألمانيا، بل في كثير من الدول الأوروبية.

ويؤكد السياسيون الألمان دائماً على ضرورة مراعاة التوازن بين النظام والجانب الإنساني. وبحسب صحيفة “دي تسايت” فإن وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر يدرك أن الغالبية العظمى من الألمان يريدون أن تساعد بلادهم اللاجئين، لكن دون أن تثقل كاهلها.
وهذا ما جعل ألمانيا تضع سقفاً سنوياً لعدد اللاجئين الذين تستقبلهم بحيث لا يتجاوز عددهم 220 ألفاً، ومنذ وضع هذا السقف لم يتجاوز العدد السنوي للاجئين هذا الرقم. لكن ربما تتخذ ألمانيا قرارات أخرى في حال زادت الأعداد، وذلك منعاً من تكرار موجة اللجوء التي غيرت الكثير في البلاد.

محي الدين حسين- مهاجر نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى