بولندا سياسة

بولندا وفرنسا.. توتر جديد داخل الاتحاد الأوروبي

 

بعد تصريحات صادمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وصف فيها وارسو بأنها تحاول عزل نفسها عن أوروبا بوضع نفسها على الهامش، وهي التصريحات التي وصفتها رئيسة الحكومة البولندية بـ”الوقحة”.

ويعكس هذا التوتر بين فرنسا التي يحكمها رئيس مستقل يرغب في تعزيز الوحدة مع أوروبا لتكون كتلة أكثر صلابة، وبين بولندا التي تحكمها حكومة يمينية شعبوية معادية للاتحاد الأوروبي، مدى الانقسام داخل منطقة اليورو، فرغم الصدمة، التي مرت حتى الآن مرور الكرام بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مازالت الأزمات تتواصل داخل الاتحاد أبرزها المسألة البولندية، التي تعتبر تحديا جديدا لفكرة التكامل السياسى ووحدة القيم بالاتحاد الأوروبي، ودليلا جديدا مزعجا على الانقسام المتنامي بين كتلتي الشرق والغرب.

 

  

 

التوتر القائم بين فرنسا وبولندا لا يمثل الدولتين فحسب، بل يعبر عن كتلتين داخل الاتحاد الأوروبي، الأولى تحاول أن تتماشى مع مبادئ الاتحاد وتعمل على تنفيذ إجراءات تعزز من الوحدة، والأخرى ترفض الانصياع وراء هذه الإجراءات.

انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سياسة بولندا بعزل نفسها عن أوروبا، معتبرا أن رفض بولندا تشديد قوانينها بشأن العمل «هفوة جديدة» لوارسو التي تضع نفسها “على هامش” أوروبا في «العديد من القضايا»، مضيفًا «بولندا لا تحدد مستقبل أوروبا اليوم ولن تحدد مستقبل أوروبا غدا».

وتعتبر تصريحات ماكرون هي أوسع هجوم  من قبل رئيس واحدة من أكبر دول الاتحاد الأوروبي بما قد يؤدي للمزيد من تدهور العلاقات بين قوى غرب أوروبا والمفوضية الأوروبية في بروكسل من جهة، وبولندا من جهة أخرى، لا سيما قوله إن الشعب البولندي يستحق ما هو أفضل.

وبعيدًا عن الخلاف بشأن الاتحاد الأوروبي بين باريس ووارسو، استكمل الرئيس الفرنسي تصريحاته  منتقدًا الوضع الديمقراطي في بولندا قائلًا: «أوروبا منطقة نشأت على أساس من القيم الديمقراطية والحريات العامة وهو ما تخوض بولندا صراعا ضده الآن»، متابعًا أن وارسو تسير عكس اتجاه أوروبا في عدة قضايا، ووصف رفض بولندا تغيير موقفها من إعادة النظر في توجيهات الاتحاد الأوروبي الإرشادية الخاصة بالعمالة المؤقتة منخفضة الأجور داخل دول الاتحاد بأنه خطأ.

 

 

 

وردت رئيسة الوزراء البولندية بيتا سيدلو، على تصريحات ماكرون بغضب شديد، وقالت: «قد تكون تصريحاته الوقحة ناجمة عن نقص خبرته السياسة» مضيفة «أتفهم ذلك لكن أتوقع أن يعود بسرعة عن هذه الثغرات وأن يكون أكثر تحفظا في المستقبل»، وأكدت سيدلو، الخميس، أن بلادها سترفض «حتى النهاية» إصلاح أنظمة العمل في إطار الإعارة وذلك «من أجل مصلحة العمال البولنديين»، ورغم أن رئيسة الوزراء البولندية تحاول أن تجعل لحكومتها القومية التي صعدت قبل عامين على رأس السلطة حكما مستقلا على بلادها فإنها ستجد الكثير من الصعوبات في الإقناع بأنه من الجيد جعل البولنديين يحصلون على أجر أقل.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها خلاف داخل الاتحاد الأوروبي بخصوص بولندا، حيث أعرب الاتحاد نفسه مرارا عن انزعاجه من بولندا وتجاهلها القيم الأوروبية، وقد اتخذت المفوضية الأوروبية في نهاية يوليو الماضي إجراءات قانونية عقابية ضدها على خلفية قانون أقرته الحكومة اليمينية في وارسو، واعتبر الاتحاد الأوروبي بأنه يهدد استقلال القضاء، ويمكن أن تفضي الإجراءات القانونية إلى محاكمة بولندا أمام أعلى الهيئات القضائية الأوروبية، وحتى إلى تفعيل المادة 7 في حقها، والتي تسقط حقها في التصويت.

انضمت بولندا وهي دولة من شرق أوروبا إلى الاتحاد عام 2004، بعد مفاوضات دامت لسنوات، إلا أن السنوات القليلة الماضية شهدت تدهور العلاقة بينها وبين الاتحاد بسبب وصول أحد الأحزاب اليمينية القومية إلى الحكم، حيث بدأت الحكومة البولندية منذ عامين العمل على مشروع مقوض للممارسات الديمقراطية، تضمن مساعي لتحجيم حرية الإعلام، قبل أن تتراجع إثر احتجاج وتظاهر الرأي العام.

المصدر البديل 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى