مقالات الرأي

كارثة إنسانية على أعتاب الاتحاد الأوروبي.. الأزمة إلى أين ؟!

تشهد أزمة المهاجرين العالقين على الحدود البولندية البيلاروسية ، حالة من الترقب والتوتر الشديد، وصلت حتى تخوف جهات محلية ودولية من تحولها إلى “نزاع مسلح” بين بيلاروسيا والغرب ، سلاحها آلاف الأشخاص الراغبين في دخول الاتحاد الأوروبي والعالقين في الغابات وسط الأجواء الباردة مع نقص في المساعدات الانسانية والاغاثية.

تلقي بولندا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ودول أخرى اللوم على بيلاروسيا وتتهمها بـ تعمد إشعال الأزمة من خلال السماح للأشخاص الذين يريدون القدوم إلى الاتحاد الأوروبي من الشرق الأوسط وأفريقيا بالسفر إلى مينسك ، ثم نقلهم إلى الحدود البولندية. الأمر الذي تنفيه بيلاروسيا بشكل كامل وتؤكد آنها بلد مضياف .

في حين يرى القادة الأوروبيون أن الدافع وراء رئيس بيلاروسيا ، ألكسندر لوكاشينكو ، هو الانتقام من العقوبات الاوروربية وتحصيل مكاسب سياسية عبر “ابتزاز” الاتحاد الأوروبي بقضية الهجرة التي أدت الى انقسامات داخلية في صفوف الاتحاد و كانت احد أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد .

رد فعل بولندا على الأزمة 

استجابت بولندا للأزمة على حدودها بنشر مايقارب من الـ20.000 من قوات حرس الحدود و الجيش والشرطة ،وفرضت حالة الطوارئ على المنطقة الحدودية وتم تعزيز السياج الحدودي على مسافة آكثر من 400 كم علي طول الحدود مع بيلاروسيا ، ومنعت وصول الصحفيين ومنظمات الإغاثة.

كما انها تقوم بإعادة من تقوم باعتقاله من المهاجرين علي أراضيها الى الحدود البيلاروسية متجاهلة حقه في تقديم طلب اللجوء ويشكل هذا- وفقًا للأمم المتحدة – انتهاكًا للقانون الإنساني والحق في اللجوء .. لكن في حين أن تصرفات لوكاشينكو هي من تسببت بـ”خلق الأزمة” فإنه يتم غض النظر عن هذه الاجراءات من قبل الاتحاد الاوروبي .

واعلن الاتحاد الأوروبي والناتو بشكل صريح تضامنهم و دعمهم الكامل لما تقوم به بولندا لحماية حدودها وهي ايضاً الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي و أكدوا عزمهم على فرض حزمة عقوبات جديدة على النظام البيلاروسي.

أين المنظمات ونشطاء المجتمع الدولي؟

لاتزال التحركات الانسانية سواء في بولندا او في دول الاتحاد الاوروبي هي تحركات خجولة لاترتقي الى مستوى الأزمة الحاصلة على الحدود لآن “السياسة” في هذه القضية تطغى على الجانب الانساني ،حيث يتم التعاطي مع أزمة المهاجرين على انه ” تصعيد سياسي” أو “حرب هجبنه” كما تصفها دول الاتحاد الاوروبي .

وتحاول المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية الضغط على الحكومة البولندية من اجل السماح لهم بالوصول إلى المنطقة الحدودية لتوفير الإمدادات والمساعدات الطبية من أجل منع حدوث أزمة إنسانية و الا ان وجود حالة الطوارئ على الحدود فرضت على التعامل مع المنطقة بأنها “منطقة عسكرية “يحظر الدخول اليها الا بتصريح رسمي ،ويعاقب كل مخالف بالسجن والغرامة.

الأزمة الى آين ؟!

يبدو آن بولندا تبنت موقفاً متشدداً من قضية قبول المهاجرين والسماح لهم بعبور الحدود حتى الى دول الاتحاد الأخرى ، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يوازن بين قيمه الإنسانية واعتباراته السياسية ، لذلك من غير المرجح أن تنتهي الأزمة قريبًا.

في الوقت الذي تنخفض فيه درجات الحرارة الى مادون الصفر في المنطقة الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا، يتأزم الوضع أكثر كل يوم مع وصول أعداد جديدة من مئات الأشخاص اليائسين إلى مينسك أسبوعياً ،فإن معاناتهم تتصاعد ماقد ينذر بكارثة انسانية وسط غياب مبادرات جدية لايجاد الحلول على المدى القريب .

 

Hanadi Mohamad

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى