بولندا مجتمع

لقاء مع السيد يوسف شديد إمام مسجد بوزنان للحديث عن الحملة الأخيرة التي تعرض لها وأخر المستجدات في القضية

تداولت بعض مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي المحسوبة على اليمين البولندي فيديو لـ مفتي الرابطة الإسلامية في بولندا نضال ابو طبق بعد أن تم التلاعب بالفيديو من قبل مجهول ، وإدخال تعديلات على الصوت ، اضافة الى قيام أحد الأشخاص بالتعليق على الفيديو بالقول أن الإمام “يوسف شديد”يحرض على البولنديين ، ويدعوهم لدفع الجزية أو القتل !


و لتوضيح ملابسات الحادثة قمنا بالتواصل مع السيد يوسف شديد والذي يشغل منصب إمام ومدير المركز الإسلامي الثقافي التعليمي في بوزنان ، إضافة إلى شغله منصب رئيس الرابطة الإسلامية في بولندا .

وكان لنا معه اللقاء التالي :

انتشر قبل أيام فيديو ” مفبرك ” يتهمك بالإساءة إلى البولنديين والتحريض ضدهم ، هل يمكن أن تشرح
لنا تفاصيل الحادثة وانعكاسها عليكم كرابطة اسلامية ؟  وبشكل شخصي؟

-نعم قبل أيام انتشر فيلم مدته خمس دقائق يظهر فيه مفتي الرابطة الإسلامية في بولندا نضال ابو طبق في أحد دروسه للمسلمين في المركز الإسلامي الثقافي التعليمي في مدينة بوزنان. الفيلم الأصلي الذي مدته عشرون دقيقة تم تقطيعه و تزويره و إدخال صوت شخص ثالث غير معروف يحلل ويستنتج من الفيلم بأن إمام بوزنان يدعو إلى قتل البولون إذا لم يدفعوا الجزية. المفتي نضال لم يقصد هذا الكلام و اذا رجعنا إلى الفيلم الأصلي نجد أن الأمر لا يرتبط بما تم فبركته. لا ننسى بأن المفتي نضال أبو طبق معروف في الوسط البولندي بالاعتدال والتسامح والسلم ورجل الحوار مع الأديان والثقافات المختلفة ويحترم قوانين هذا البلد و يحب الخير  له.
بعد نشر هذا الفيلم في شبكة الإنترنت بدأت بعض الصفحات المحسوبة على اليمين المتطرف بنشر كلام ملفق تحت هذا الفيلم وهو أن إمام بوزنان و رئيس الرابطة الإسلامية  في بولندا يوسف شديد يدعو إلى كراهية البولون و قتلهم في حالة عدم دفع الجزية. في حين معروف عني في جميع الأوساط البولندية بأنني دائماً أدعو إلى التسامح والسلام واحترام الغير بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه . وبشدةً  أندد بالإرهاب والعنصرية وأطالب بحقوق المستضعفين من البولون والأجانب والمسلمين.


وتابع الإمام شديد قائلا “هؤلاء الذين فبركوا الفيلم و نشروا تلك الأكاذيب عني و عن الرابطة الإسلامية بالرغم أنه لم تظهر صورتي أو صوتي في الفيديو بتاتاً هم بالتأكيد أشخاص يسعون إلى نشر الكراهية والعنف ضد المسلمين”.
وبعد ذلك تلقيت اتصالات هاتفية ورسائل تهددني و تهدد أسرتي بالقتل مشتملة على كل العبارات المسيئة و السب بأسلوب غير أخلاقي مما جعلني ألجأ إلى النيابة و الشرطة للتبليغ عن هذه المواقع والرسائل.
هذه الحادثة  كان هدفها تشويه صورتي وسمعتي وسمعة الرابطة الإسلامية في بولندا.
واعتبر أن الهدف من هذا الأمر هو ” هدم كل ما بنيته أنا والرابطة الإسلامية في بولندا في مجال حوار الأديان وحوار الثقافات والانفتاح على المجتمع البولندي”.

هل تعتقد أن من يقف وراء فبركة الفيديو شخص واحد ؟ أم جهة معينة ؟
-ما دام هناك مواقع و صفحات انترنت تنشر هذا الخبر بدون التأكد من صحته فاعتبر هذا الأمر مقصود وتقف خلفه جهات معينة و لذلك ننتظر من السلطات البولندية تفسير وإيضاح هذا الأمر لنا.

هل سبق أن تعرضت بشكل شخصي أو أحد أفراد الجاليات المسلمة في بوزنان لمضايقات في الفترة التي سبقت انتشار الفيديو ؟
-دائماً أتعرض للتهديد والسب من أفراد لا أعرفهم  والشرطة دائماً مبلغه بهذه الحوادث. وهذا الإيذاء يزداد كلما كانت هناك هجمة إرهابية في أوروبا أو هجمة إعلامية على المسلمين.الرابطة الإسلامية في بولندا تندد بالإرهاب في كل مرة وكلما كانت هناك عملية إرهابية من خلال إصدار بيانات منددة بوضوح الإرهاب بكل أنواعه ومدافعة عن الدين الإسلامي بأنه دين سلم وتعايش وليس دين عنف وكراهية.
كثير من المسلمين و المسلمات يعانون من المضايقات و الشتائم وفي بعض الأحيان قد تؤدي أو تصل إلى الضرب.
لطالما دافعت عنهم و نصحتهم وواسيتهم ، لكن ضروري أن نعلم بأن هذه الحوادث تزداد يوماً على يوم وبشكل مخيف. مثلاً لا مجال للمرأة المسلمة التي تلبس الحجاب أو كل من لون بشرته يوحي بأنه مسلم أن يمشي بدون مضايقات في الشارع وهذا كله بحسب ما أسمعه من قصص عندما ألتقي بالجالية المسلمة في مختلف أنحاء بولندا وكذلك بحسب ما يقال في بعض وسائل  الإعلام البولندية.

  هل تعتقد أن سياسات الحكومة البولندية والأعلام البولندي دور في هذه الحادثة ؟

-اليوم في بولندا ينتشر نقاش حول استقبال اللاجئين و هو نقاش لسوء الحظ  تغير إلى نقاش عن الإسلام والمسلمين وخلال هذا النقاش يتم الكلام عن الإسلام والمسلمين بطريقة بدائية غير موضوعية  وغير علمية متهمة الإسلام بالرجعية والإرهاب والعنف وسب الرموز الدينية الإسلامية.

والإعلام الحكومي البولندي له دور في نشر هذه الأفكار الخبيثة و غسل دماغ المجتمع و بالتالي توجيهه إلى الكراهية والعنف تجاه المسلمين. لا يكاد يمر يوماً بدون الطعن في الإسلام والمسلمين في الإعلام رغم أن المسلمين لا يشكلون أكثر من 0.06 في المئة من المجتمع البولندي. ولا ننسى أن المسلمين في بولندا هم أفراد أكثرهم مندمجين في المجتمع ومن الشريحة المثقفة  التي تخدم هذا البلد كأطباء ومهندسين وأساتذة ورجال أعمال وطلبة علم.

شاهدنا خلال الأيام الماضية وقفة صامتة للتضامن معكم ، اضافة الى حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لإيضاح ملابسات الحادثة .
ما رأيكم بهذا النوع من الحراك ؟ وهل تعتقد أن هذا كافي ؟

-هذا يؤكد أننا لدينا علاقات مع المجتمع المدني الذي يشهد لنا بالتعايش السلمي والتعاون في ما بيننا والإحترام المتبادل وأريد من هذا المقام أن أشكر كل من تضامن معنا من أفراد ومؤسسات مختلفة ومحافظة مدينة بوزنان  ورئيسها  والشرطة الذين سهروا على راحة المواطنين المسلمين في بوزنان والدفاع عنهم. تقريبا 500 شخص في مدينة بوزنان خرجت إلى الشارع و تضامنت مع الإمام ومع المسلمين رافعة شعار احترام الغير والحرية والمساواة وكذلك مستنكرة كل مظاهر العنف والكراهية.
ضروري علينا نحن المسلمين وغير المسلمين الذين يدافعون عن حقوق الناس والأقليات أن نتضامن ونعبر عن استيائنا حيال العنف والكراهية والعنصرية والإرهاب ، ضروري علينا أن ندافع عن كل إنسان مستضعف بغض النظر عن عرقه ودينه ووطنه.

كم يبلغ تعداد الجالية المسلمة في بولندا ؟ وما هي النشاطات التي تقومون بتنظيمها ؟

-عدد المسلمين في بولندا لا يتعدى 50 ألف نسمة أغلبهم متمركزين في العاصمة وارسو .

هل يمكن أن تحدثنا عن نشاط الرابطة الإسلامية في بولندا ؟ لمن تتبعون ؟ وآلية عملكم

-من بين أنشطتنا إقامة الصلوات والاحتفالات الدينية . إقامة دورات تدريبية ومحاضرات واستقبال طلبة المدارس في المراكز الإسلامية.

إفطارات جماعية في شهر رمضان المبارك . إقامة أيام ثقافية إسلامية والمشاركة في ليلة المتاحف وكذلك ليلة المعابد التي يحضر لها كثير من الزوار الراغبين في معرفة الثقافة الإسلامية.تعليم اللغة العربية للبولنديين . وكذلك تدريس الدين الإسلامي لأبناء جاليتنا من خلال مدارس معترف بها من الحكومة البولندية . إقامة دروس وملتقيات لتوعية المسلمين .ترجمة وإصدار عديد من الكتب الإسلامية .الإهتمام بحوار الأديان والذي قطعنا فيه شوطا طويلا فلقد بنينا علاقة وثيقة مع ممثلي الكنيسة واليهود.


كل سنة تقيم الرابطة الإسلامية في بولندا الملتقى السنوي للمسلمين في بولندا يحضره مئات من الأشخاص ويستمر 3 أيام تقريبا وتتخلله محاضرات وندوات وأنشطة ترفيهية.

 الرابطة الإسلامية في بولندا هي اتحاد ديني معترف به عند السلطات البولندية وكل مسلم معتدل في أفكاره له الحق في أن يكون عضوا في الرابطة. والرابطة الإسلامية في بولندا مستقلة في منظومتها وأفكارها وسياستها ولا تتبع لأي جهة أو دولة أجنبية أو حركة دينية أو حزب سياسي،  ولها دستور معتمد رسميا من وزارة الداخلية البولندية .وتضم في هيكلتها المجلس الأعلى وعلى رأسه رئيس الرابطة والمجلس الرقابي ومجلس الأئمة. يتم اختيار الرئيس وأعضاء المجلس بالتصويت وبطريقة ديمقراطية وكل 4 سنوات من خلال مؤتمرها بحيث تحدد فيه استراتيجيتها وخطتها وكل هذا يتم بالمناقشة ثم التصويت بطريقة ديمقراطية أيضا.
وتنشط في عدة مجالات منها الدينية والثقافية والإجتماعية وحوار الأديان والتعايش. ولها مراكز إسلامية في عدة مدن ومن أهدافها :
1- توحيد وتجميع المسلمين وتعليم وتعميق مفاهيم الدين الإسلامي.
2- التعريف بالإسلام كدين تسامح وسلام وحوار ومن جهة أخرى كدين ينبذ كل مظاهر التطرف والغلو والعنف والإرهاب.
3-التواصل والتفاعل والاندماج في المجتمع البولندي مع الحفاظ على الهوية الإسلامية.
4- الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة كل أنواع التمييز الديني والعنصري والتعصب الديني.

 

تقرير : hanadi mohamad

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى