بولندا سياسة

ماذا يخبئ المستقبل للاتحاد الأوروبي بينهم بولندا ؟!

 

 

مستقبل وتماسك دول الاتحاد الأوروبي أصبحت اليوم وبحسب بعض المراقبين، من اهم واخطر القضايا لدى قادة وحكومات دول الاتحاد، خصوصا مع ازدياد التحديات والمشكلات الداخلية والخارجية، يضاف الى ذلك خروج بريطانيا الأمر الذي أسهم في خلق صراع داخلي جديد قد يؤثر سلبا على وحدة الاتحاد، هذه التحديات دفعت بعض الدول الأوروبية منها فرنسا التي سيكون لها بحسب بعض الخبراء، دور مهم واساسي في القيادة المستقبلية لأوروبا، الى اطلاق خطط و إصلاحات جديدة وقد وضع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وهو من المؤيدين الملتزمين تجاه الاتحاد الأوروبي، في سبتمبر الماضي، خططا طموحة لإصلاح التكتل، بما في ذلك تنسيق الضرائب وميزانية أقوى لمنطقة اليورو، يتم تمويلها من خلال ضريبة مخصصة، يضاف الى ذلك تحركاته الجديدة ليكون شريك أوروبي مهم وبديل جديد عن بريطانيا، لبعض للولايات المتحدة الامريكية وباقي الدول الكبرى، وفي كلمة له أمام البرلمان الأوروبي، أشاد ماكرون بالتكامل الأوروبي، باعتباره السبيل الوحيد لاستعادة السيادة، لمواجهة التحديات العالمية، مثل الهجرة والتغير المناخي والاقتصاد الرقمي المتنامي، هذا بالاضافة الى قضايا مكافحة الارهاب والصراعات الخارجية وغيرها.

ويجب بحلول عام 2019، وضع خارطة طريق لإصلاح منطقة اليورو، وهو ما يشمل توفير “قدرات ميزانية لصالح الاستقرار والتقارب”. لكن طموحات وتحركات ماكرون لا تحظى بتأييد إجماعي في برلين، وهو ما قد يعيق تلك الإجراءات والخطط خصوصا مع وجود أحزاب وجهات أوروبية معارضة استطاعت في الفترة الاخيرة الحصول على مكاسب سياسية مهمة. وفي هذا الشأن حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين على ألا ينساقوا وراء القومية بل أن يبنوا الاتحاد الأوروبي ليكون حصنا للديمقراطية الليبرالية من عالم فوضوي وخطير. وفي كلمة أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج الفرنسية نال الرئيس البالغ من العمر 40 عاما تصفيقا حارا من معظم المشرعين بعد أن انتقد صعود ”الديمقراطيات غير الليبرالية“ حتى داخل الاتحاد الأوروبي. لكن النواب القوميين من فرنسا وبريطانيا ودول أخرى جلسوا صامتين.

وقال ماكرون في إشارة واضحة لرئيس وزراء المجر الذي أعيد انتخابه فيكتور أوربان والحزب الحاكم في بولندا ”في مواجهة الشمولية لا يمكن أن يكون الرد من خلال الديمقراطية السلطوية بل من خلال سلطة الديمقراطية“. وحذر ماكرون من أن ”القومية الأنانية“ تكتسب موطئ قدم في إشارة إلى أجواء ”حرب أهلية“ في أوروبا.

لكنه جادل بأن القول إن العودة للسيادة الوطنية على حساب القوى المشتركة للاتحاد الأوروبي سيوفر للناخبين الطمأنينة التي يحتاجونها في عالم من السلطات المستبدة هو محض وهم. وكان يشير فيما يبدو لدول مثل روسيا والصين وشركات قوية متعددة الجنسيات. ودعا زعماء الاتحاد الأوروبي لأن يسيروا على خطاه في تدشين حوار عام بشأن مستقبل أوروبا وقال إن التكتل بحاجة لإصلاحات لتعزيز ما قال إنها ”السيادة الأوروبية“ في العالم.

تشكيل قوة عسكرية

 

 

 

من جانب اخر قالت مصادر في وزارة الدفاع الفرنسية إن الحكومة ستدشن في يونيو حزيران قوة عسكرية أوروبية قابلة للانتشار لمواجهة الأزمات خارج نطاق جهود الاتحاد الأوروبي الحالية. وأجرت باريس اتصالات بأكثر من عشر دول بينها ألمانيا وهولندا وبريطانيا والدنمرك بشأن المبادرة وشكلت مجموعة عمل.

وتهدف المبادرة إلى جمع بلدان أوروبية تتمتع بقدرات عسكرية ورغبة سياسية للتعاون في تخطيط وتنفيذ تحليلات مشتركة للأزمات الطارئة والتصدي لها على وجه السرعة. وقال أحد المصادر ”لن تعمل داخل الاتحاد الأوروبي وستسمح لدول من خارجه مثل بريطانيا بأن تكون جزءا منها“. وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الخطوط العامة لفكرة وجود قوة أوروبية للتدخل السريع بنهاية العقد خلال خطاب مهم عن أوروبا ألقاه في سبتمبر أيلول الماضي.

ورغم وجود بعض مجموعات التدخل التكتيكية التابعة للاتحاد الأوروبي لم يتم استخدام أي منها حتى الآن. ورغم تاريخ ألمانيا في مقاومة أي مهام عسكرية تنطوي على استخدام القوة، فقد أبدت في مارس آذار مساندتها للفكرة في ضوء الحاجة إلى تحسين التعاون الأوروبي في مواجهة الأزمات. إلا أنها أكدت من قبل على ضرورة أن تكون القوة في إطار اتفاق (التعاون المنظم الدائم) الدفاعي الجديد بين حكومات الاتحاد الأوروبي. ويؤكد المسؤولون الفرنسيون أن المبادرة الجديدة لن تكون بديلا عن اتفاق التعاون المنظم الدائم. بحسب رويترز.

وذكر أحد المصادر أن هدف المشروع هو التكهن بالأزمات المستقبلية سواء كانت عسكرية أو إنسانية مثل العواصف التي وقعت مؤخرا في الكاريبي وتجنب مواقف تضطر فيها دولة واحدة للتدخل بمفردها كما فعلت فرنسا في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.

تقسيم الاتحاد الأوروبي

الى جانب ذلك قال وزير المالية الالماني بيتر التماير ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب “لن ينجح” في تقسيم الاتحاد الاوروبي ولن يجعل دول اوروبا تنقلب ضد بعضها البعض بسبب التجارة. واضاف في تصريحات تسبق زيارته الى واشنطن ان دول الاتحاد الاوروبي هي “اتحاد بشأن الجمارك وتعمل بشكل جماعي. وليس في مصلحة الحكومة الاميركية تقسيم أوروبا، ولن تنجح في ذلك”.

اثناء زيارته العاصمة الاميركية خطط ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الفولاذ المستورد و10% على الالمنيوم. وقال ترامب ان هذه الاجراءات الصادمة هي رد على الممارسات التجارية “غير العادلة” إلا أن الاتحاد الأوروبي توعد بالرد بالمثل من خلال إجراءات من بينها رفع الرسوم على واردات الويسكي والدراجات النارية الاميركية، ما ينذر بحرب تجارية.

واكد التماير ان “الشركات والمستهلكين هم من سيتحملون النتيجة في حال قيام حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا”. واضاف ان دولا اخرى مثل الصين المتهمة بإغراق الاسواق العالمية بالفولاذ الرخيص “ستضحك” مما يحدث. وفي بيان قال مكتب ميركل ان المستشارة تحدثت الى الرئيس الصيني شي جينبينغ. بحسب فرانس برس.

واكد الطرفان استمرار المحادثات بين مجموعة العشرين من الدول الصناعية والناشئة حول خفض زيادة الإنتاج من الفولاذ. وأوضح التماير ان “التجارة العالمية الحرة ليست مثالية بعد” مضيفا ان واشنطن غير مسرورة “بأننا اجرينا محادثات بهذا الشأن بدلا من التصرف بمفردنا”. وردا على تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات الالمانية في حال اتخذت اوروبا اجراءات ردا على الرسوم الاميركية، قال التماير ان “السيارات الالمانية ناجحة في جميع اسواق العالم لأنها جيدة جدا. وسيكون من الخطأ فرض رسوم اضافية عليها”.

بولندا ومستقبل الاتحاد

في السياق ذاته اكد وزير الخارجية البولندي ان وارسو مصممة على الدفاع عن رؤيتها للاتحاد الأوروبي بعد بريكست رغم أنها مهددة بعقوبات من المفوضية، مشددا على اهمية السوق الحرة والبرلمانات الوطنية وتقييم التهديد الروسي. وقال ياتسيك تشابوتفيتش ان “ما يرتسم هو امكانية ان نحل محل بريطانيا في برنامجها: التمسك بالمنافسة الحرة والحساسية للتهديد الروسي والدفاع عن المواقف الخاصة بها وعن سيادتها”. ورأى الدبلوماسي ان لندن كانت دائما اكثر قدرة من برلين او باريس على تقييم عدوانية موسكو.

وصرح شابوتفيتش انه مثل لندن “كنا دائما حذرين من تحركات موسكو وكنا محقين في ذلك”، مشيرا الى “العدوان في جورجيا والعدوان في أوكرانيا وضم القرم ودونباس والأعمال ضد مصالح العالم الغربي في سوريا ودعم (الرئيس السوري بشار) الأسد ضد مصالح فرنسا والآن محاولة قتل (العميل المزدوج السابق سيرغي) سكريبال”. وفي إطار قضية الجاسوس الروسي السابق، طردت بولندا اربعة دبلوماسيين روس، العدد نفسه من الدبلوماسيين الذين طردتهم فرنسا او المانيا. وقال الوزير البولندي “أنه مؤشر مهم على وحدتنا”.

واعترف تشابوتوفيتش بوجود خلافات مع فرنسا حول مستقبل الاتحاد الاوروبي، معبرا عن رفضه “للسيادة الاوروبية” التي يدعمها على حد قوله الرئيس ايمانويل ماكرون. وقال إن فكرة تغليب “+سيادة أوروبا+ تثير شكوكا لدينا (…) من المستحيل ان تكون هناك سيادة داخل سيادة. بعبارة اخرى سيادة اوروبا تعرض للخطر سيادة الدول”. واضاف “لا اعتقد ان الفرنسيين يمكن أن يقبلوا بنقل السيادة الى مستوى الاتحاد الأوروبي على حساب سيادة فرنسا (…) لذلك انه نقاش يجب أن يتواصل بينما يريد الطرفان أوروبا قوية”.

وتابع أن فرنسا وبولندا تنظران الى مصدر شرعية الاتحاد الأوروبي بطريقتين مختلفتين، موضحا ان وارسو ترى أن هذه الشرعية تمر “عبر البرلمانات الوطنية التي تمثل مجتمعات الدول الأعضاء”. ورأى الوزير البولندي ان “المسألة تتعلق بتعزيز بعض المؤسسات التي تتخطى السلطات الوطنية مثل المفوضية الاوروبية. الأمر يتعلق بمعرفة ما هو دورها وما إذا كانت شرعية بحد ذاتها او بموجب قرارات الدول”.

ويدور خلاف كبير بين بولندا والمفوضية الاوروبية منذ أشهر. وقد اطلقت المفوضية ضد بولندا اجراءات غير مسبوقة يمكن ان تؤدي الى فرض عقوبات قاسية عليها بسبب إصلاحات أجرتها وارسو تجعل النظام القضائي أكثر تبعية للسلطة السياسية. وبعدما تجاهلوا لفترة توصيات المفوضية، اقترح المحافظون الحاكمون في بولندا إدخال بعض التعديلات على اصلاحاتهم.

رأى دبلوماسيون غربيون ان هذه التعديلات المقترحة تشكل مؤشرا الى بعض الانفراج، لكن المعارضة اعتبرتها “تجميلية”. ولم يستبعد وزير الخارجية البولندي ان تذهب بولندا أبعد من ذلك في تعديلاتها. وقال “لدينا (في الجانب البولندي) رغبة في التوصل الى تسوية” لكن “بعض التعديلات مستبعدة، تلك التي تدمر النظام القائم حاليا”. بحسب فرانس برس.

 

وتأمل وارسو أيضا في أحياء “مثلث فايمار” هيئة التشاور بين فرنسا وألمانيا وبولندا التي جمدتها باريس عمليا منذ أن ألغت وارسو عقدا مهما لمروحيات عسكرية من ايرباص. وقال تشابوتفيتش ان بولندا يمكنها أن تمثل إلى جانب البلدين الغربيين الكبيرين، مجموعة من دول أوروبا الوسطى والشرقية التي لديها معا “مصالح مشتركة وتطلعات مشتركة داخل الاتحاد الأوروبي والوضع الجيوسياسي نفسه”.

 

 

عبد الامير رويح -شبكة النبأ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى