دولي

روسيا تلوّح بالرد على حشد قوات «الأطلسي» في بولندا

لوّحت وزارة الخارجية الروسية، أمس (السبت)، بالرد على حشد قوات حلف شمال الأطلسي في بولندا، مضيفة أن الرد سيكون على نحو متناسب، وفق ما نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن دبلوماسي روسي.

ونقلت الوكالة عن أوليغ تيابكين، رئيس إدارة مسؤولة عن العلاقات الروسية مع أوروبا في وزارة الخارجية، قوله: «سيكون أي رد، كما هو الحال دائماً، متناسباً وملائماً ويهدف إلى تحييد التهديدات المحتملة لأمن روسيا الاتحادية».

– جوازات سفر
في سياق متصل، سلّمت الإدارة الموالية لموسكو في خيرسون، أمس، جوازات سفر روسية لعدد من سكان هذه المدينة التي تحتلها القوات الروسية في جنوب أوكرانيا، وفق ما ذكرت وكالات الأنباء الروسية.

وأكّدت وكالة الأنباء الرسمية «تاس»، أن 23 من سكان خيرسون تسلموا جوازات السفر الروسية الأولى خلال مراسم، في «إجراء مبسط» أتاحه مرسوم وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية مايو (أيار). ونقلت «تاس» عن رئيس الإدارة الموالية لروسيا في المنطقة فلاديمير سالدو، قوله إن «جميع سكاننا في خيرسون يريدون الحصول على جواز سفر وجنسية (روسية) في أسرع وقت ممكن». وأضاف لوكالة «ريا نوفوستي» أن «حقبة جديدة تفتح لنا. إنها أهم وثيقة يمتلكها إنسان في حياته».

وذكرت السلطات الموالية لروسيا في خيرسون أنه تم اختيار موعد تسليم أول جوازات السفر الروسية هذه بالتزامن مع إحياء ذكرى يوم روسيا في 12 يونيو (حزيران)، وهو يوم عطلة احتفالاً باستقلال البلاد.

واحتلّ الجيش الروسي منطقة خيرسون بالكامل تقريباً منذ الأيام الأولى لغزوه الذي بدأ في 24 فبراير (شباط). ويشمل المرسوم الذي وقعه الكرملين في نهاية مايو ويسمح للسلطات المحلية الموالية لروسيا بتسليم جوازات سفر للسكان، منطقة زابوريجيا أيضاً التي تسيطر عليها موسكو جزئياً.
وندّدت أوكرانيا بهذا الإجراء الخاص، معتبرة أنه «انتهاك صارخ» لوحدة أراضيها. وأشارت وزارة الخارجية الأوكرانية إلى أن «المرسوم الرئاسي الروسي باطل قانوناً، ولن يكون له أي تأثير» على «المواطنة الأوكرانية لسكان الأراضي التي تحتلها روسيا مؤقتاً».

– معارك صعبة

قبل ساعات من توزيع الجوازات الروسية، أعلنت كييف شن ضربات جوية جديدة على مواقع روسية في خيرسون. وذكرت قيادة العمليات الأوكرانية، الجمعة، أن مجموعة استطلاع تسلّلت إلى المنطقة المحتلة تمكنت من السيطرة على قوات روسية و«استولت على معداتها من أسلحة وأجهزة اتصال».
من جهته، أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قوات بلاده تبذل «كل ما بوسعها» لوقف الهجوم الروسي، فيما تدور معارك ضارية في شرق البلاد وجنوبها. لكنه أقرّ في رسالته المسائية اليومية، الجمعة، أن «معارك صعبة جداً» تدور في منطقة دونباس. وقال إن «روسيا تريد تدمير كل مدينة في دونباس، كل واحدة دون مبالغة، على غرار فولنوفاخا وماريوبول».

وتابع أن «القوات الأوكرانية تبذل كل ما بوسعها لوقف هجوم المحتلين بقدر ما تمكنها الأسلحة الثقيلة والمدفعية الحديثة من ذلك»، مؤكداً «هذا كل ما طلبناه وما زلنا نطلبه من شركائنا».
كما تدور معارك شديدة في منطقة ميكولاييف المجاورة لأوديسا، حيث شدد الحاكم المحلي على ضرورة تقديم مساعدة عسكرية دولية عاجلة. وقال فيتالي كيم: «الجيش الروسي أقوى، لديهم كمية كبيرة من المدفعية والذخائر. إنها حرب مدفعية في الوقت الحاضر… ونحن نفدت ذخيرتنا»، مشدداً على أن «مساعدة أوروبا وأميركا مهمة جداً، لأننا بحاجة فقط إلى ذخائر للدفاع عن بلدنا».
وقال زيلينسكي في رسالته: «يجب ألا ندع العالم يصرف انتباهه عما يجري في ساحة المعركة».

– قصف متواصل

تتركز المعارك في منطقة دونباس حول مدينة سيفيرودونيتسك، وقال حاكم المنطقة سيرغي غايداي إن القصف على المدينة متواصل. وأوضحت رئاسة الأركان الأوكرانية، صباح أمس، أن القوات الروسية تتقدم باتجاه نوفوتوشكيفسكي أوريخوفي، وحقّقت «انتصاراً جزئياً» عند مشارف بلدة أوريخوفو. وقالت إن «العدو يواصل شن هجمات في مدينة سيفيرودونيتسك»، مؤكدة صد 14 هجوماً في منطقتي دونيتسك ولوغانسك خلال 24 ساعة.

وفي حال السيطرة على سيفيرودنيتسك، فذلك سيفتح الطريق أمام موسكو إلى مدينة كبرى أخرى في دونباس هي كراماتورسك، ما سيشكل خطوة مهمة للسيطرة على كامل دونباس، المنطقة الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا التي يسيطر الانفصاليون الموالون لموسكو على جزء منها منذ 2014.
وبحسب رئاسة الأركان الأوكرانية، فإن الجيش الروسي يستعد لشن هجوم على سلافيانسك وسيفيرسك، فيحشد قواته وينقل معدات ووقوداً بهذا الهدف، محذرة في الوقت نفسه بأن مخاطر شن ضربات على أوكرانيا انطلاقاً من بيلاروسيا «لا تزال قائمة».

وأعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن المعارك تتسبب بـ«مقتل ما يصل إلى مائة جندي أوكراني وإصابة 500 بجروح كل يوم». أما الروس، فلا يعلنون عن خسائرهم.

وأعلن رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندري يرماك، صباح أمس، مقتل صحافي عسكري هو الضابط أوليكسي شوباشيف «في المعركة»، من غير أن يورد أي تفاصيل حول ظروف مقتل الصحافي الذي أشرف على برنامج تجنيد وكان مسؤولاً عن التلفزيون العسكري الأوكراني.

– دعم فرنسي
ومع تصاعد المخاوف من حصول أزمة غذائية حادة في العالم نتيجة الحرب في أوكرانيا، أحد كبار مصدري الحبوب، أبدت فرنسا استعدادها للمساعدة على فك الحصار عن ميناء أوديسا. وأعلن مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «نحن في تصرف الأطراف لبلورة عملية تتيح الوصول إلى ميناء أوديسا بشكل آمن، أي تمكين السفن من العبور رغم وجود ألغام في البحر»، متمنياً «انتصار أوكرانيا» في الحرب.
وأوضحت قيادة العمليات الأوكرانية في المنطقة الجنوبية، ليل الجمعة إلى السبت، أن «حركة الملاحة مشلولة في البحر الأسود، والسفن المعادية تُبقي الأراضي الأوكرانية بكاملها تقريباً تحت خطر ضربات صاروخية»، مشيرة إلى أنه «مع عجزه عن تحقيق تقدم على الأرض، يعمد العدو إلى اختبار متانة مواقعنا (على خط الجبهة) من خلال عمليات قصف جوية بواسطة مروحيات».
ويزور ماكرون رومانيا ومولدافيا، الثلاثاء والأربعاء، فيما لم يحدد بعد موعداً لقيامه بزيارة لأوكرانيا، وفق ما أفاد قصر الإليزيه.

– زيلينسكي «رفض» التحذيرات الأميركية
من جهته، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «لم يشأ سماع» التحذيرات الأميركية قبل شن روسيا حرباً على بلاده. وقال بايدن: «كان العديدون يعتقدون أنني أبالغ»، عندما حذر من هجوم روسي على أوكرانيا قبل أن يبدأ، مضيفاً أمام صحافيين: «لكنني كنت أعلم أن لدينا معلومات في هذا الاتجاه. (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) كان في طريقه لعبور الحدود. لم يكن هناك أي شك، وزيلينسكي لم يشأ سماع ذلك». بيد أن بايدن أقرّ بأن احتمال قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعملية «غزو واسعة النطاق» بدا مستبعداً، مضيفاً: «أتفهم السبب وراء عدم رغبتهم في الاستجابة للتحذير».
وأعربت كييف عن استيائها من تصريحات بايدن، وقال المتحدث باسم الرئيس الأوكراني سيرهي نيكيفوروف إن التصريح «يحتاج بالتأكيد إلى تفسير». وقال نيكيفوروف لصحيفة «ليجا دوت نت» الإلكترونية، إن زيلينسكي طالب مراراً الشركاء الدوليين بفرض عقوبات وقائية مسبقة، لإجبار روسيا على سحب قواتها المتمركزة بالفعل في المنطقة الحدودية مع أوكرانيا.

– تدفق بطيء للأسلحة
يطالب الأوكرانيون حلفاءهم الغربيين باستمرار مدهم بأسلحة جديدة أكثر قوة. وأعلنت واشنطن ولندن تسليم أوكرانيا راجمات صواريخ، ولا سيما من طراز «هيمار» البالغ مداها نحو 80 كلم، ما يفوق بقليل مدى الصواريخ الروسية.
وفي هذا السياق، قام وزير الدفاع البريطاني بن والاس بزيارة غير معلنة مسبقاً ليومين إلى كييف، شكره خلالها زيلينسكي على دور لندن الرائد في دعم بلاده. وقال زيلينسكي إن «البريطانيين يظهرون قيادة حقيقية في المسائل الدفاعية». ووصل والاس في زيارته غداة إعلان السلطات الانفصالية في دونيتسك صدور أحكام بالإعدام بحق بريطانيين، هما أيدن أسلين وشون بينر ومغربي هو إبراهيم سعدون، بعدما اتهمتهم بالقتال إلى جانب الأوكرانيين كـ«مرتزقة».

وندد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بهذا الحكم، وأفاد مكتبه بأنه يجري العمل مع كييف من أجل إطلاق سراح الموقوفين. وقال المتحدث باسم جونسون: «من الواضح أن (البريطانيين) كانا يخدمان في القوات المسلحة الأوكرانية وهما أسيرا حرب».

– صواريخ روسيا «الدقيقة» تنفد
كشفت تقارير استخباراتية بريطانية أن «الصواريخ الروسية» الدقيقة بدأت في النفاد، حيث تلجأ موسكو لترسانتها من الأسلحة القديمة، مشيرة إلى أن قواتها لا تحرز أي تقدم يذكر في محيط مدينة سيفيرودونيتسك الأوكرانية، التي تمكنت من دخولها، لكنها لم تتمكن من تأمينها بعد. وقالت المخابرات العسكرية البريطانية إن القوات الروسية تستخدم أنظمة أسلحة قديمة ضد أهداف في شرق أوكرانيا. وفي آخر تحديث لها بشأن الحرب في أوكرانيا، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن القوات الروسية استخدمت على الأرجح عشرات من صواريخ «كي إتش – 22» المضادة للسفن، وبعضها مخصص لاستهداف حاملات الطائرات، من حقبة الستينات كجزء من هجماتها. وقالت وزارة الدفاع عبر «تويتر»، إن هذه القنابل الثقيلة «غير دقيقة للغاية»، ومن المرجح أن تتسبب في أضرار جانبية وخسائر في صفوف المدنيين. وأضافت: «من المحتمل أن تلجأ روسيا إلى مثل أنظمة الأسلحة غير الفعالة هذه، لأنها تفتقر إلى الصواريخ الحديثة الأكثر دقة، بينما لا تزال الدفاعات الجوية الأوكرانية تمنع طائراتها التكتيكية من شن ضربات في معظم أنحاء البلاد».

«الشرق الأوسط»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى