دولي
الهالوين: أرواح وأموات ومصابيح قرع، وأجواء احتفالات مرعبة مليئة بالدم
في ليلة 31 من شهر تشرين الأول و في ليلة الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، تغزو شوارع بعض المدن والبلدات في العالم، كما بعض المؤسسات التعليمية وأماكن الحفلات الخاصة، مشاهد غريبة لأشخاص في أزياء وأقنعة تذكر بالموت والأشباح.
ليس نادرا أن تتوقف إلى جانبك عند الإشارة الحمراء سيارة ويطل منها سائقها، وحين تنظر إليه تصاب بالرعب. إذا كنت ممن يؤمنون بالأشباح ستحس أنه أحدها، وقد عاد لتوه من عالم الأموات، خاصة إذا وقع هذا في شارع مهجور في ساعات الليل.
تجد الآباء والأمهات مشغولين في هذه الأيام بانتقاء زي “الهالوين” الذي سيرتديه ابنهم أو ابنتهم في حفلة المدرسة أو في حفلة خاصة تضم الأصدقاء.
فمن أين جاءت هذه الطقوس، التي أصبحت مألوفة ومتبعة في مختلف البلدان والثقافات، ومنها العالم العربي؟
تقاليد ومعتقدات: الظلام والموت
مصدر الصورةAFP/GETTY IMAGESImage captionهناك متاجر متخصصة لبيع الأقنعة ولوازم احتفالات الهالوين
هناك اعتقاد شائع بأن الاحتفالات تعود إلى تقاليد كلتية (أو سلتية) قديمة. والكلت (أو السلت) هي مجموعة الشعوب التي تنتمي إلى الفرع الغربي في مجموعة الشعوب الهندو-أوروبية، ومن امتداداتهم اللغوية والأثرية والتراثية الشعب الأيرلندي والاسكتلندي، حسب بعض النظريات التاريخية.
وكانت تلك الاحتفالات مرتبطة بمواسم الحصاد وجني المحاصيل. والعلاقة بين المواسم الزراعية والطقوس المرتبطة بالمجهول والقوى الخارقة شائعة في التاريخ.
ويعتقد أن الأزياء التي تستخدم حاليا في احتفالات الهالوين تشبه الأزياء الشعبية للشعوب الكلتية القديمة، التي كانت تكلل نهاية المواسم الزراعية بتلك الاحتفالات.
وكانت تلك الاحتفالات سابقا تتضمن “التنبؤ بالمستقبل” في ما يتعلق بالموت والزواج وأمور شبيهة.
وفي تفسير آخر، فإن الموضوع له علاقة بعيد كلتي يسمى “سامهاين”، يرتبط ببداية موسم البرد والظلام (حيث يقصر النهار ويطول الليل). فوفقا للمعتقد الكلتي، يقع إله الشمس في أسر الموت والظلام يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول. وفي هذه الليلة تتجول أرواح الأموات في ملكوتها، وتحاول العودة إلى عالم الأحياء.
في المسيحية يتربط الموضوع بمعتقدات مختلفة.
تسبق ليلة الهالوين اليوم الذي يعرف في المسيحية بـ”عيد كل القديسين”. فكلمة “قديس” لها مرادف هو “هالوماس”، وكانت هناك احتفالات مشابهة في الأيام الثلاثة التي تسبق أعيادا مسيحية أخرى، كعيد الفصح مثلا، تتضمن الصلاة لأرواح الذين رحلوا حديثا.
رموز الهالوين
ارتبط الهالوين في العديد من الثقافات بثمار القرع، ولعل أهم رموزه ما يسمى بـ”مصباح القرع”.
مصدر الصورةAFP/GETTY IMAGESImage captionثمار قرع مضاءة على شكل تمثال الحرية
تقول أسطورة إن شخصا كلتيا يدعى جاك كان كسولا لا يحب العمل، يسكر ويقطع الطريق، وكل هذا بسبب وسوسة الشيطان. لكنه كان ذكيا.
وحين أراد جاك التوبة استدرج الشيطان وأقنعه بأن يصعد إلى قمة شجرة، وحين صعد الشيطان إلى قمة الشجرة حفر جاك صليبا في جذع الشجرة، ففزع الشيطان وبقي عالقا على قمة الشجرة.
وحين مات جاك لم يسمح له بالدخول إلى الجنة بسبب أعماله، ولم يجد له مكانا في جهنم، بل حكم عليه بالتشرد الأبدي، وحتى لا يهيم في الظلام أعطي قبسا من نار جهنم.
في الاحتفالات اللاحقة بالهالوين التي تستوحي قصة جاك، استبدل القبس بجزرة، ثم استبدله الأمريكيون بثمرة القرع. وهكذا نشأ مصباح القرع.
وأصبح القرع كرمز ملازما للاحتفالات بعيد الهالوين في أمريكا الشمالية في وقت لاحق.
أزياء الهالوين
هناك أشكال وألوان من ملابس وأقنعة الهالوين، تتغير عبر الأجيال وتتابع آخر تقليعات الموضة، ولكنها تدور حول فكرة الموت والأشباح بشكل عام.
مصدر الصورةAFPImage captionالجماجم والهياكل العظمية ورموز الموت الأخرى من أقنعة الهالوين الشائعة
في السنوات الأخيرة بدأت الملابس والأقنعة تستقي أفكارها من شخصيات أفلام هوليوود، مثل “باتمان” و”سبايدر مان”.
ويحاول الشبان والفتيات الإبداع في اختيار ملابس مثيرة للدهشة، ولا يندر أن يطعموها بمظاهر رومانسية أو مثيرة جنسيا.
من مظاهر الاحتفالات حول العالم
في النمسا، يتركون بعض الخبز والماء ومصباحا مضاء على الطاولة قبل أن يخلدون إلى النوم في ليلة الهالوين، وهذا يهدف لاستقبال الأرواح الزائرة.
وفي الصين، يضعون الطعام والماء أمام صور الأعزاء الراحلين.
أما في جمهورية التشيك فيضعون الكراسي حول النار، واحد لكل فرد من أفراد العائلة الأحياء، وواحد لكل ميت.
ولعل أكثر الاحتفالات ثراء تقام في المكسيك ودول أمريكا اللاتينية، حيث يعتبر الهالوين عيد مرح وفرح ومناسبة لتذكر الأصدقاء والأحبة الذين رحلوا.
من مظاهر الاحتفال في العيد أن تقوم العائلات ببناء مذبح في منزلها وتزيينه بالحلويات والزهور وصور من رحلوا، بالإضافة إلى مأكولاتهم ومشروباتهم المفضلة.
كذلك ينظفون المقابر ويضعون الزهور على القبور.
وفي بعض الأحيان يضعون شخصا حيا في تابوت ويجولون به الحي أو القرية، بينما يلقي الباعة الفواكه والزهور في التابوت.
عربي BBC