بولندا تطلب من أوكرانيا استخراج رفات ضحايا الحرب العالمية الثانية رغم الحرب
قال وزير الخارجية البولندي إن على أوكرانيا استخراج رفات البولنديين الذين قُتلوا على أراضيها، وإن على ألمانيا الاستثمار في التعاون العسكري وتعويض الضحايا البولنديين على يد النازيين ، وفق مانشرته صحيفة الفايننشال تايمز .
وقال رادوسواف شيكورسكي للصحيفة إن المظالم التاريخية لا يمكن تجاهلها حتى في خضم حرب روسيا ضد أوكرانيا ، مستشهدا بمذابح فولينيا في أربعينيات القرن العشرين والتي راح ضحيتها نحو 100 ألف من البولنديين العرقيين.
وقال وزير الخارجية البولندي: “إن الناس لهم الحق في الدفن على الطريقة المسيحية، وهذا لا يؤثر على جهود أوكرانيا الحربية. ولا أرى سبباً يمنع استخراج الجثث بين البلدان التي تساعد بعضها البعض”.
تعكس تعليقات شيكورسكي تشديد نبرة الحكومة البولندية بشأن القضايا التاريخية قبل الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار والتي قد تكون حاسمة لإطلاق العنان لأجندة الإصلاح لرئيس الوزراء دونالد توسك .
أعلن معهد الذاكرة الوطنية الأوكراني مؤخرا أنه على استعداد لاستئناف عمليات البحث عن الضحايا البولنديين في مواقع الدفن الجماعي العام المقبل. وكانت كييف أوقفت هذه العملية في عام 2017 احتجاجا على إزالة نصب تذكاري أوكراني يقع في بولندا.
كما تنازع كييف مع قرار اتخذه البرلمان البولندي في عام 2016 لوصف المذابح بأنها إبادة جماعية، وقد انزعجت مؤخرا من تحذيرات وارسو من أن هذه القضية التاريخية، إذا لم يتم حلها، قد تعرقل جهود أوكرانيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
وقال أندري ديشيتسيا، السفير الأوكراني السابق لدى بولندا: “كان هناك الكثير من التوقعات بأن الحكومة البولندية الحالية ستكون أكثر تأييدًا لأوروبا وأكثر تأييدًا لأوكرانيا، لكن القضية التي وضعوها على جدول الأعمال، حول الماضي التاريخي، هي نفس القضية التي طرحتها الحكومة السابقة”.
وقال ديشيتسيا إن هذا كان بمثابة “خيبة أمل مريرة للمجتمع الأوكراني”، مضيفا: “لن يتمكن أحد من حل قضية فولينيا إذا لم نفز بالحرب وإذا لم تصبح أوكرانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي”.
وقال شيكورسكي إن المستشار الألماني أولاف شولتس “أضاع فرصة” في يوليو/تموز لتلبية مطالب التعويضات التي قدمها توسك كبديل لمطالبة حكومة حزب القانون والعدالة اليميني البولندية السابقة بمبلغ 1.3 تريليون يورو عن الأضرار والجرائم التي ارتكبتها ألمانيا النازية.
وطلب توسك إنشاء نصب تذكاري بولندي في برلين، واستثمار ألمانيا في التعاون العسكري، وكذلك مبلغ غير محدد من المال لتعويض الضحايا البولنديين للنازيين.
وقال شيكورسكي إن شولتس عرض تعويضات بقيمة 200 مليون يورو فقط ولم يقدم أي خطة للاستثمار في الدفاع المشترك. وأضاف: “قال توسك في الأساس إن مبلغ 200 مليون يورو وحده لن يقنع الشعب البولندي… وأعتقد أنه كان محقًا”.
ويأمل توسك أن يحل مرشح من ائتلافه الحاكم محل الرئيس المنتهية ولايته أندريه دودا، وهو مرشح حزب القانون والعدالة الذي استخدم سلطاته في النقض لمنع تشريعات توسك ومحاولاته استبدال القضاة المعينين من قبل حزب القانون والعدالة.
ومن المتوقع أن يعلن حزب القانون والعدالة عن مرشحه الشهر المقبل، وبعد ذلك سيعلن توسك عن مرشحه الخاص. وقال شيكورسكي بابتسامة،عندما سُئل عما إذا كان يريد الترشح قال : “أنا واحد من العديد من المرشحين المحتملين”.
في الآونة الأخيرة، استبعد توسك نفسه من المنافسة على منصب الرئيس، لكن بعض المراقبين يشككون بذلك، وعندما سُئل عن ادعاء توسك بعدم رغبته في الرئاسة، قال شيكورسكي: “أعتقد أن هذه المرة الأمر حقيقي”.
واعترف شيكورسكي بأن حكومة توسك أصبحت الآن “أكثر أو أقل” تقارباً مع دودا وحزب القانون والعدالة فيما يتصل بمظالم الحرب. وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن أغلبية البولنديين يريدون تعويضات من ألمانيا في حين تدهورت المشاعر العامة تجاه أوكرانيا.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث الرأي العام هذا الشهر، لا يزال 53 في المائة فقط يؤيدون الترحيب باللاجئين الأوكرانيين، وهو أدنى مستوى منذ وصول مئات الآلاف الفارين من الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022.
وقال شيكورسكي “أعتقد أن هناك دعمًا قويًا لمساعدة أوكرانيا في حربها الدفاعية ضد روسيا: يعتقد الناس أننا يجب أن نساعد أوكرانيا، لكنهم يعتقدون أيضًا أنه يجب دفن موتانا”. وأضاف أنه حتى لو لم يكن كل بولندي يشعر بالقلق بشكل يومي بشأن عمليات استخراج الجثث، فإن “بعضهم كذلك”.