متحف جديد في ويستربلات.. السبب وراء الخلاف بين الحكومة البولندية وجدانسك
قبل أسابيع قليلة من حلول الذكرى الثمانين على اندلاع الحرب العالمية الثانية، أصبحت الحكومة البولندية ومدينة جدانسك على خلاف بسبب موقع ويستربلات، وهو الموقع الذي شهد إحدى المعارك الأولى أثناء الحرب العالمية الثانية، كما أنه رمز للمقاومة البولندية.
يشار إلى أن نقطة الخلاف هي خطة الحكومة لإنشاء متحف جديد في شبه جزيرة ويستربلات، التي تمتلكها مدينة جدانسك إلى حد كبير.
وكانت ويستربلات تضم في عام 1939، حامية عسكرية بولندية، حيث كان يوجد في ذلك الوقت جيبا بولنديا في مدينة جدانسك الحرة.
وفي الصباح الباكر من الأول من سبتمبر آنذاك، تعرضت ويستربلات لهجوم من جانب قوات ألمانية ساحقة، ولكن الحامية العسكرية تمكنت من الدفاع عن نفسها لمدة سبعة أيام، مما اعتُبر بمثابة تسديد أول صفعة لخطة “بليتسكريج” الخاصة بهتلر للحملة البولندية.
وتعرف خطة “بليتسكريج” بـ (القصف الخاطف والمفاجئ).
وصارت ساحة المعركة التاريخية حاليا مسرحا لصراع سياسي بين المدينة والحكومة المركزية المحافظة في وارسو.
ومن الممكن أن يسمح مشروع قانون جديد برعاية أعضاء البرلمان من “حزب القانون والعدالة” الحاكم، ببناء متحف جديد بدون مشاركة السلطات المحلية في جدانسك، وبتولي الحكومة ملكية الأرض.
ويخشى المنتقدون من أن يعزز المتحف – الذي تتولى الحكومة مسؤوليته – رؤية تتسم بالمواجهة والعسكرية للتاريخ.
وقال المؤرخ باول ماتشيفيتش لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “ترفض رؤية (الحكومة) – في الواقع – وجهة نظر أوسع نطاقا، تكون فيها بولندا جزءا من أوروبا وجزءا من العالم”.
وأشار ماتشيفيتش إلى التغييرات التي تم القيام بها في متحف الحرب العالمية الثانية القريب في وسط جدانسك، وهو المؤسسة الثقافية التي ترأسها حتى أطاحت به الحكومة التي شكلها “حزب القانون والعدالة”.
وقال ماتشوفيتش: “يزعم أن المعرض كان غير محلي بصورة مبالغ فيها، ومسالما وأوروبيا وليس بولنديا بدرجة كافية”.
وأوضح أن القيادة الجديدة غيرت العرض لتقلل من إظهار تأثير صدمة الحرب على المدنيين، لصالح منظور عسكري بحت. ويخشى ماتشوفيتش من أن احتمال أن تواجه ويستربلات مصيرا مشابها.
وتضم ويستربلات في الوقت الحالي فرعا صغيرا لمتحف البلدية، يحكي قصة الدفاع البطولي للحامية البولندية، ومقبرة للجنود، ونصبا تذكاريا يبلغ ارتفاعه 25 مترا لاحياء ذكرى الجنود الذين دافعوا عن الساحل البولندي في عام 1939.
وتوجد لافتة “لا مزيد من الحروب” بالقرب من النصب التذكاري، لتبعث برسالة سلمية للزوار. وقد تم الحفاظ على بقايا المباني المدمرة في الموقع.
وانتقد ماتشوفيتش مفهوم متحف ويستربلات الجديد المدرج في مشروع القانون، بوصفه “ضارا بأصالة” ويستربلات.
وقال المؤرخ لوكالة الانباء الالمانية: “بدلا من الحفاظ على مواقع معارك 1939، حيث من المفترض إعادة بناء جميع المباني التي كانت موجودة في عام 1939؛ يتم إنشاء ما يشبه مدينة ملاهي، أو ديزني لاند تاريخية”.
وأوضح أن مؤرخي الفن والمسؤولين المكلفين بالحفاظ على المعالم التاريخية، ينتقدون الفكرة على نطاق واسع.
وترى السلطات المحلية في جدانسك أن التشريع ما هو إلا محاولة من جانب الحكومة لاستخدام سرد تاريخي يلائم أهدافها السياسية.
وفي الوقت نفسه، تقول عمدة جدانسك، ألكساندرا دولكيفيتش، بعد أن وافق مجلس النواب على مشروع القانون: “ترغب الدولة – التي تمثل في الواقع خيارا سياسيا واحدا – من خلال حل قسري، في استخدام الذاكرة التاريخية لتعزيز مصلحتها السياسية. إنه أمر محزن ومؤلم”.
ومن جانبهم، يقول سياسيو “حزب القانون والعدالة” إن التشريع هو رد فعل على فشل المدينة في إدارة الموقع التاريخي.
وبحسب ما جاء في مشروع القانون، فإن الحكومة ترغب “بشكل صحيح” في إحياء ذكرى المعركة من أجل ويستربلات، وتضحيات الجنود البولنديين، حيث إن الوضع الحالي للموقع لا يتوافق مع أهميته بالنسبة لبولندا وللمجتمع العالمي.
وكان نائب رئيس الوزراء، بيوتر جلينسكي قال لمحطة “بي. آر 1” الإذاعية العامة في مطلع يوليو الجاري : “لم تقم المدينة على مدار 30 عاما، بأي شيء يتعلق بإحياء الذكرى”.
ويشهد تاريخ الأول من سبتمبر من عام 2019، ذكرى مرور ثمانين عاما على اندلاع الحرب العالمية الثانية.
ومن المقرر أن تجرى الفعاليات الرسمية للبلاد هذا العام في وارسو وليس في ويستربلات، حيث كانت تقام في السنوات الماضية.
د ب أ