مقالات الرأي

هل نحن البولنديون عنصريون ؟!!

 

 

من اكثر الصفحات التي أعجبتني على الفيس بوك صفحة خاصة بمنظمة غير حكومية بولندية وهي تراقب الحوادث العنصرية في بولندا. في البداية، قبل سنتين أو 3 سنوات، كانت المنظمة تنشر بوستاً واحداً يومياً. الآن فهي تصدر من 5- 6 بوستات واحيانا أكثر من ذلك كل يوم.

لا شك أن انتشار هذه الظاهرة السلبية هو شيء مقلق كثيراً. يزداد في بلدنا عدد الاعتداءات العنصرية وكل يوم يجلب معه الأخبار المرعبة الجديدة. طبعاً لا تشمل هذه الظاهرة كل البولنديين ولكن دون شك عدد كبير مننا وعلى نطاق واسع لم يسبق له مثيل طوال حياتي.

ماذا حدث مع هؤلاء البولنديين في السنوات الأخيرة؟ هل هم فعلاً عنصريون؟ وإذا نعمهل أصبحوا كذلك  مؤخراً أو كانت العنصرية جزء من طبيعتهم دائما؟

كنت أفكّر بالموضوع مرات عديدة لا تحصى و أشعر أنه توجد بعض العوامل الرئيسية والتي لها تأثير على الوضع الحالي وكره الأجانب السائد في بولندا.

أول العوامل هو الظروف السياسية ففي النصف الأول من عام 2015 لما بدأت أزمة اللاجئين في أوروبا كان معظم البولنديين يدعم خطة قبول اللاجئين من سوريا وبلدان أخرى الى بلدنا. في ذلك الوقت كان يحكم في بولندا حزب المنصة المدنية وكان قد تعهد بقبول 12 ألف لاجئ تضامناً مع بلدان الاتحاد الأوروبي حيث أنه في النصف الثاني من نفس العام تغيّر موقف البولنديين بشكل ملحوظوفقاً لإستطلاع الرأي من معهد CBOS للدراسات من شهر ديسمبر عام 2015 رفض 53% من المستطلعين قبول اللاجئين (واليوم تقريباً 70%).

أجاب البولنديون على نفس السؤال بطريقة مختلفة تماماً. لماذا؟ و ماذا حدث في غضون ذلك؟ فاز في الانتخابات البرلمانية حزب القانون والعدالة اليميني وله برنامج واضح: “لا نريد المهاجرين واللاجئين من أفريقيا وآسيا“.

في كل وقت وعند حدوث شيء مميز في بلاد أوروبا الغربية مثل الهجمات الإرهابية أو الاغتصاب أو أي اعتداءات مع مشاركة الأجانب من أفريقيا وآسيا، يستعمل حزب القانون والعدالة  ذلك الحادث لدعم موقفه – “ألم نخبركم بذلك؟وما يعزز موقف الحزب هو المزاج العام في أوروبّا حيث المجموعات اليمينية تصبح أقوى بكثير وتنشر نفس الأراء.

تحدث الاعتداءات العنصرية بشكل منتظم ولا أحد من الحكومة قام بشجبها والنهي عنها ولهذا السبب  السبب يشعر العنصريون أنه يوجد  لديهم الإذن العام لما يقولون ويفعلون ولا يوجد ما يردعهم .

العامل الثانيهو تغيير الحوار العام بالنسبة للأجانب والعنصرية. 

غيّر حزب القانون والعدالة تماماً طريقة  تعاطيه مع الأحداث  ففي زمن الحكومات السابقة كانت العنصرية في بولندا شيئاً محرجاً وغير عصرياً والآن، للأسف الكبير، تحت سلطة القانون والعدالة أصبحت شيئاً طبيعياً أو حتى حدثاّ جديراً بالاطراء.

 

يجب الإضافة هنا إلى أن العنصرية في بولندا تتجه بشكل خاص نحو المسلمين، اليهود الأوكرانيين. وعلاوة على ذلكالبولندي لا يستطيع التفريق بين العربي المسلم او العربي المسيحي  و بين المسلم العربي او المسلم من اندونيسيا مثلا  .

والبولندي العنصري لديه كره للجميع بنفس المستوى كمسلمين. وما يزعجني أيضاًيقدّم العنصريون أنفسهم انهم المدافعين عن الوطن وفرسان ((حصن المسيحية)) بغض النظر أن أقوالهم وأعمالهم ليست مسيحية أبداً.

وفي معظم الأحوالالمعتدينالذين يهاجمون بولندا (وفقاً لرأيهم) هم بنات صغار أو طلاب عرب أو حتى سياح من أميركا اللاتينية

العامل الثالثدور وسائل الإعلام العامة السلبي.

تصوّر وسائل الإعلام العامة في بولندا وخاصة التلفزيون أن المسلم العربي يساوي الإرهابي وهذه هي الصورة التي يتم تناقلها في بولندا و العالم كله أو تصوير المهاجر الذي يعيش في أوروبا بأنه المستفيد من المساعدة الاجتماعية و يرفض العمل ويستعمل الإعلام كذلك الأخبار المزيفة عن المهاجرين واللاجئين في محاولة خلق الخوف منهم.

تشكيل صورتهم السلبية ليست صعبة في بولندا لأن معظم البولنديين لا يعرف أي عربي وأي مسلم. وممكن أضيف هنا من خبرتيحتى إذا بولندي يعرف مسلماً واحداً وهو صديق له ممكن يكون عنصريا تجاه جميع المسلمين الآخرين  لماذا ؟!! لأنهذا المسلم هو مختلفهو مسلمنا ,و هو أليف“.

لا شك أنه في البلاد مع تواجد اعداد كبيرة من  المهاجرين يمكن أن تجد المشاكلومنها عدم التكامل والاندماج , اضافة إلى صعوبة توظيف كل المهاجرين أو حتى الهجمات الارهابية المذكورة سابقاً. 

ولكن هذا لا يمكن أن يبرر العنصرية. يجب علينا أن نذكر أنه كلنا  بشكل عام أشخاصا نود العيش في مكان هادئ والعيش بكرامة وبلا خوف 

وبدوري أود أن أفكّر أننا،كبولنديين لسنا عنصريين أصلاَ , ولكن الحوادث الأخيرة  تدفعنا إلى الخوف ولايريدون لحياتهم الآمنة ان تتغير لذلك هم يتكلمون بنوع من العنصرية ويجب أن نغيّر آراء هؤلاء الناس مرة ثانية ونحيد ظاهرة العنصرية. لا أفكر أنه بإمكاننا التخلص بشكل كامل من هذا الداء ولكن من الممكن أن نغّير أراء الكثيرين ونجعل الباقي يشعرون بالخجل ويراجعون أنفسهم .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى إيقاف مانع الإعلانات من المتصفح. موقع بولندا بالعربي يعتمد على ريع الإعلانات للإستمرار في تقديم خدماته شاكرين لكم تفهمكم