بولندا سياسة

بولندا تتوقع دورًا متناميًا لها في مراقبة الحدود الشرقية للناتو والاتحاد الأوروبي

توقع وزير الدفاع البولندي، ماريوش بواشتشاك، دوراً متنامياً لقوات بلاده المسلحة في مراقبة الحدود وإدارة عمليات الهجرة على الحدود الشرقية لحلف “الناتو” والاتحاد الأوروبي في المرحلة المقبلة، لافتا إلى الدعم الواسع الذي قدمه الجنود البولنديون للعملية التي أدارها الحلف على الحدود البولندية- البيلاروسية، وإسهامهم في حماية استقرار البلاد وغيرها من الدول الأعضاء في الحلف والاتحاد الأوروبي .

جاء ذلك في مقال وزير الدفاع البولندي، ماريوش بواشتشاك، نشرته مجلة “ديفينس نيوز” الأميركية، ضمن ملف موسع للتوقعات العسكرية والأمنية لعام 2022، استقطب أكثر من 26 شخصية بارزة من الدول الغربية والحليفة من بينهم وزراء دفاع، وقادة عسكريون، وباحثون وخبراء استراتيجيون بارزون، ومديرو شركات دفاعية وتكنولوجية كبرى.

وقال الوزير البولندي – في مقاله – إنه “ثبت لنا أنه ليس من المرجح انحسار نطاق التحديات الأمنية خلال العقدين الأولين من القرن الجديد، بل على العكس تماماً، فعلاوة على التهديدات، التي يمكن أن نصفها بـ”العادية” أو المتفق عليها، بات هناك فيض من التهديدات الجديدة التي نواجهها، وأصبحنا في أمس الحاجة إلى فهم أفضل لأبعادها ” .

وأضاف أن “التنامي المتسارع للتكنولوجيات البازغة، والأوبئة، وندرة الموارد الطبيعية، وتسارع العمليات الديموجرافية، والتغيرات المناخية وغيرها من الأمور، يعد بمنزلة التهديدات التي لا يمكن مواجهتها بصورة منفردة. ولم تعد تستلزم جهداً دولياً منسقاً فحسب، بل تتطلب مقاربة حكومية شاملة، تلعب فيها القوات المسلحة كمكون بداخلها، دوراً حيويا ونشطاً”.

وتابع وزي الدفاع البولندي: إن “التعامل مع الديناميكيات شديدة التغير للأوضاع العالمية والإقليمية، لن يكون فعالاً ما لم نتأقلم معها باستمرار، فالقوانين والمؤسسات وأنماط التفكير يجب أن تتبدل وفقا لذلك. وجيشنا يتعين عليه التأقلم، و”الناتو” عليه أن يتبدل ويتأقلم.

وأردف: “نرحب بعملية التكيف الجارية التي يتبناها التحالف في ثلاثة مجالات رئيسية: القدرة على الرد، والجاهزية، والتعزيز. ولاشك أنه من الضروري البناء على ما أنجزناه من تقدم، وأن ننفذ بشكل كامل المفاهيم والمبادرات الاستراتيجية الموجودة حالياً، كـ”مفهوم الردع والدفاع عن منطقة “اليورو- أتلانتيك”؛ و”مفهوم كابستون الحربي لحلف الناتو”؛ و”مبادرة الجاهزية للناتو”، والمبادرة المعدلة لـ”قوات الرد التابعة للناتو”.

وأشار إلى أن بلاده أعربت “عن سعادتها بعملية العصف الذهني التي تضمنها “مفهوم الناتو الاستراتيجي” في نسخته التالية. وينبغي على الوثيقة الجديدة المتطلعة للمستقبل، التي سيتم إقرارها في قمة الناتو 2022 وتستضيفها مدريد، في إسبانيا، ألا تترك مجالاً للشك بأن التحالف سيظل قوياً وقادراً، علاوة على استعداده للتعامل مع أشكال التحديات كافة- خصوصاً ما يتعلق بإطلاق أكثر المهمات أهمية والمتمثلة في “الدفاع المشترك”.

وأوضح الوزير البولندي أن “الحاجة إلى تعزيز المهام المحورية الثلاث ليست محل نقاش؛ ورغم أن البعض ينظر إليها باعتبارها عتيقة وعفا عليها الزمن أو أنها لم تعد صالحة، فإن “الدفاع المشترك” اكتسب أهميته باعتباره المهمة الجوهرية للتحالف. فقد برهنت إدارة الأزمات في الحلف والتعاون الأمني على أهميته بشكل يومي وحينما نتعامل مع التهديدات العابرة للحدود أو حالات عدم الاستقرار في جوار حلف “الناتو”.

وقال: إننا “بحاجة إلى النظر إلى ما هو أبعد من ذلك. لقد أعددنا عدتنا، في ضوء تهديدات عسكرية تقليدية، لكن علينا مواصلة العمل لجعلها أفضل. وبينما نخطو صوب العقد الثالث من القرن الـ21، فعلى “الناتو” أن يعود إلى جذوره ويعيد بناء قدراته لتحقيق “الدفاع المشترك”. وعلى نحو متزامن، فإنه بحاجة إلى إدارة التحديات غير العسكرية المستجدة، والتي سيكون لها تأثير هائل على أمننا وجاهزيتنا، وربما ستكون اختباراً لجميع مهام التحالف الرئيسية الأخرى.

ومع استمرار التأثيرات المعقدة للهجرات الضخمة وغيرها من التحديات، سيبرز دور القوات المسلحة ليزداد اعتماد الحكومات الوطنية، والمنظمات الدولية، والمجتمعات عليها، لتصبح تلك القوات، على سبيل المثال، أول مستجيب في جهود الإغاثة والاستجابة للكوارث الطبيعية، وتضطلع بدور نشط في مكافحة انتشار عدوى الأمراض المعدية والأوبئة، وتقوم بنشر عناصرها في مناطق التوتر والنزاعات.

وأضاف وزير الدفاع البولندي أن “قوات بلاده ستؤدي دوراً متنامياً في مراقبة الحدود وإدارة عمليات الهجرة. وهذا ما حدث فعلياً كجزء من العملية المختلطة التي نسقها على الحدود الشرقية لحلف “الناتو” والاتحاد الأوروبي. وقدم جنودنا دعماً واسعاً لحرس الحدود في إطار الجهود المبذولة لمراقبة الحدود البولندية- البيلاروسية، ومن ثم ساهمت في حماية استقرار البلاد وغيرها من الدول الأعضاء في “الناتو” والاتحاد الأوروبي. وعلى نحو مماثل، سيسهم الجيش بشكل متكرر لتخفيف حدة أزمات انقطاع الطاقة وتعطل سلاسل الإمداد.

وتابع: “تثور هنا تساؤلات حتمية: هل قواتنا المسلحة على استعداد لمواجهة التحديات؟ كيف يمكن إحداث توازن بين المهام الرئيسية والانخراط المتصاعد في تقديم الدعم للسلطة المدنية؟ وكيف يمكننا ترتيب أولويات الموارد والقدرات مع ضبط التدريبات دون أن يخل ذلك بالجاهزية واليقظة والقدرة القتالية؟

لا يزال هناك قضايا محورية يثور بشأنها جدل مستعر، كالعمل على صياغة مفهوم استراتيجي جديد، والمهام المحورية للتحالف، وقدراته وتصميمه على الردع والدفاع، وعملية التكيف المستمرة في الوقت الراهن”.

وأردف أنه “لا يمكن في تلك الحالات الاستناد إلى إفادات موجزة، ولاسيما أن هناك تهديدات غير عسكرية جديدة باتت تهدد الأمن “الأورو- أطلنطي”، وأصبحت تحتل أهمية كبرى في نقاشاتنا الأخيرة.. ربما لن تؤدى كل تلك الجهود، على أي حال، بالجودة الكافية ما لم يتم تعزيز الارتباط السياسي والدفاعي بحلف “الناتو” علاوة على ارتباطنا بالدول عبر المحيط الأطلنطي. كما أنه من الضروري بحث السبل العملية الكفيلة بتقوية التعاون العسكري مع الاتحاد الأوروبي، والتأكيد على تناسق الجهود وتناغمها بين “الناتو” والاتحاد الأوروبي.

وبين الوزير البولندي إن بلاده “تنظر إلى تلك القضايا بجدية فائقة، وتسعى جاهدة للمشاركة بصورة أفضل في القدرات الشاملة لكل من حلف “الناتو” والاتحاد الأوروبي”.

ولفت إلى تبني بلاده “خطة طموحة لتطوير الجيش البولندي وتقويته بدءاً من اللوائح، حيث أعددنا مسودة قانون جديد للعمل على دمج وتحديث القوانين واللوائح المطبقة في الوقت الحاضر، بما يسمح بتنفيذ “مفهوم الدفاع المشترك”؛ وزيادة عديد القوات؛ وتبسيط نظام الخدمة العسكرية؛ وإعادة بناء قوات الاحتياط؛ وإجراء تحسينات في نوعية التدريبات وجودتها وكفاءتها. وقد يدخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ العام المقبل، بما يعد إيذاناً بدخول القوات المسلحة البولندية عصر جديد.. أنا على قناعة تامة، بأننا سنخرج بمفهوم استراتيجي جديد وخلاق يرسم لنا المسار لتحقيق تحالف أقوى وأفضل في القرن الحادي والعشرين”.

 

أ ش أ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى