بولندا سياسة

صحيفة ألمانية: في بولندا.. كراهية للإسلام حتى دون وجود الإسلام!

 

بالرغم من عدم وجود عدد كبير من المسلمين في بولندا ، فإن الحكومة تعادي كل ما هو مسلم أو يمت إلى الإسلام بصلة، إنها بولندا التي بثت على مدار ساعات الأسبوع الماضي في وسائل إعلامها حملة ضد المسلمين.

البرامج التي بثتها وسائل الإعلام البولندية والتي حرضت على كره اللاجئين. فمثلاً ليلة رأس السنة، بث التلفزيون الحكومي رسوماً متحركة تصور المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل على شكل لاجئة، وأغنية قديمة معروفة لدى النازيين.

 فضلاً عن ذلك، عادة ما يستعمل بعض الصحفيين كلمة “غزو” عند الحديث عن أزمة اللاجئين، بحسب مقال للكاتب الألماني توماس دوداك بصحيفة تسايت الألمانية.

الصحفي الألماني أشار في المقال أيضاً، إلى أن حالة العداء التي انتشرت مؤخراً ضد اللاجئين والمسلمين يقف وراءها اليمين المتطرف الذي وجد بيئة خصبة في أوروبا مؤخراً، ما نجم عن ذلك سياسات وقرارات عززت الكراهية في مثل هذه البلدان.

نص المقال :

في الفترة الأخيرة، اندلعت أعمال شغب عنصرية في مدينة “إلك” شرق بولندا، وتُعزى هذه الأعمال إلى غياب الإرادة السياسية في مجابهة التصرفات العنصرية التي يُبديها بعض البولنديين.

ويعيش في مدينة إلك، المطلة على بحيرة ماسوريان، نحو 60 ألف شخص فقط، ما يجعل المدينة من أكثر المناطق هدوءاً. بالإضافة إلى ذلك، تتميز هذه المدينة بطبيعتها الخلابة التي تستقطب السياح. وعلى الرغم من كل هذه المميزات، فإن المدينة تعيش في حالة ركود تام؛ نظراً لأن السكان المحليين لديهم فوبيا من الأجانب، بحسب ما قالته صحيفة تسايت الألمانية.

وفي مطلع سنة 2017، شهدت مدينة إلك أعمال شغب عنصرية، وقد حاولت القوات الأمنية الموجودة بكثافة في ساحة المدينة التصدي لهذه الاحتجاجات.

وبالعودة للأسباب الفعلية لانطلاق أحداث الشغب، ففي ليلة رأس السنة نشبت معركة عنيفة بين شاب بولندي يبلغ من العمر 21 سنة وشاب تونسي، أسفرت عن موت الشاب البولندي. وعلى أثر هذه الحادثة، اندلعت مسيرات واحتجاجات في صفوف سكان مدينة “إلك”.

والجدير بالذكر أن الشاب البولندي، الذي سبقت إدانته بجرائم سطو مسلح وجرائم أخرى، قد أقدم رفقة شخص آخر على سرقة قارورتيْ مشروبات من محل كباب، وفي الأثناء استنجد صاحب المحل بالتونسي الذي يعمل عنده ومواطن آخر بولندي ذي أصول جزائرية، واللذين لحقا بالشاب البولندي ثم قام الشاب التونسي بطعنه بسكين مطبخ.

وعلى الرغم من أن الشرطة البولندية ألقت القبض، وفي وقت قياسي، على المتهميْن رفقة مجموعة أخرى من الشباب من أصول مغربية، فإن قرابة 300 بولندي خرجوا في مسيرات احتجاجية، رافعين شعارات عنصرية ضد الأجانب.

في الوقت نفسه، قامت مجموعة من المتظاهرين بتحطيم محل الكباب التابع لأحد المواطنين العرب والاعتداء على الأشخاص الموجودين فيه. ونتيجة لذلك، اندلعت مواجهات عنيفة مع قوات الأمن انتهت بالقبض على 28 محتجاً تتراوح أعمارهم بين 17 سنة و50 سنة.

وفي أعقاب هذه المناوشات، قال أسقف مدينة إلك، جيرزي مازور، إنه “علينا كمسيحيين أن نكون أكثر تسامحاً”. وفي المقابل، لم يلقَ هذا النداء ترحيباً كبيراً بين صفوف السكان المحليين، فقد تواصلت الاحتجاجات في اليوم التالي.

هذه الواقعة أثارت جدلاً واسعاً حول العداء الذي يكنّه البولنديون تجاه الأجانب وتفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا في بولندا.

وفي هذا السياق، كتب الفيلسوف البولندي المشهور يان هارتمان تدوينة، أشار فيها إلى أنه “علينا أن نسمي الأشياء مسمياتها؛ وما يحدث الآن في بولندا من عداء للإسلام، هو شبيه بمعاداة السامية قبل فترة الحرب العالمية الثانية”.

ونوه هارتمان بدور الكنيسة والحكومة في تأجيج مشاعر العداء تجاه العرب وصرح بأنه “دون سبب، تزرع فينا الحكومة والكنيسة مشاعر الخوف من العرب مثلما زرعت فينا في السابق مشاعر الخوف ضد اليهود!”.

وتفاعلاً مع تصريحات هارتمان؛ أفاد وزير الداخلية البولندي ماريوش بلازاك، على موجات الراديو، بأنه “في بولندا، لا توجد مشاكل اجتماعية مثل المشاكل التي انتشرت في أوروبا الغربية، أين يوجد عدد كبير من المهاجرين المسلمين، الذين لم يندمجوا بعد في المجتمع؟”.

كما عبّر بلازاك عن تفهمه لأعمال الشغب، معللاً ذلك بخوف المحتجين من وقوع عمليات إرهابية على غرار العمليات التي وقعت في برلين وباريس وبروكسل ونيس.

ومن وجهة نظر بعض الخبراء، فإن حزب “القانون والعدالة “، الحاكم في بولونيا، يعتبر المسؤول الفعلي عن تأجيج مشاعر العداء ضد الأجانب في بولندا. وفي هذا السياق، صرح عضو منظمة “نيفر إيغان”، المناهضة للعنصرية والتمييز، ستانيسلاف شيرتسكاف، بأن ” ظاهرة فوبيا الأجانب المتزايدة لا تعود إلى أزمة اللاجئين فحسب؛ بل هي أيضاً نتيجة سنوات من تجاهل الأصوات التي تحث على مقاومة هذه الظاهرة”.

وفي الواقع، تنامت مشاعر العداء نحو الأجانب مع ظهور مجموعات متطرفة على غرار الحركة اليمينية المتطرفة “المعسكر القومي الراديكالي”.

وعموماً، تعمل هذه الحركة كغيرها على نشر المشاعر العدائية بين صفوف المواطنين، وهو ما أدى بدوره إلى تغير السياسة البولندية.

ضغط من الأحزاب اليمينية غيّر البلاد
منذ تولي الحزب الحاكم للسلطة في بولونيا، لم تكن ظاهرة كراهية الأجانب متفشية بشكل كبير في صفوف المواطنين. ولعل من أبرز الأسباب التي أسهمت في الحد من هذه الظاهرة، ظهور الكتاب البني الذي أصدره نيغد يفيتشه، والذي أورد فيه حدوث 600 حادثة عنصرية، من بينها 3 جرائم قتل، على خلفية العداء تجاه الأجانب والمثليين بين سنتي 2011 و2012.

وفي المقابل، ظهرت جمعيات يمينية على غرار المعسكر القومي الراديكالي الذي نظم رفقة منظمات متطرفة أخرى مسيرة احتجاجية في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تطالب باستقلال بولندا عن أوروبا، تحت شعار “بولندا خارج أوروبا”.

إن السبب الرئيس وراء ظاهرة فوبيا الأجانب تُعزى إلى الضغط المسلط من طرف الأحزاب والجمعيات المدنية، الذي أدى بدوره إلى تغير السياسة البولونية. وفي هذا السياق، قال شيرتساك إنه “قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، سارعت العديد من الأحزاب إلى الاستفادة من هذه المشاعر العدائية لخدمة مصالحها الشخصية”.

ومن بين هذه الأحزاب، حزب القانون والعدالة، الذي يترأسه ياروسلاف كاتشينسكي، والذي يتبنى مواقف عدائية ضد الإسلام، كما أن قيادييه أعربوا عن رفضهم التام لاستقبال اللاجئين؛ إذ إنهم يعتقدون أن اللاجئين سيتسببون في هجمات إرهابية تزعزع استقرار وأمن بولونيا.

كره للإسلام دون وجود للمسلمين!
علاوة على كل ما ذكر، تبث وسائل الإعلام البولندية برامج تحرض على كره اللاجئين. ففي ليلة رأس السنة، بث التلفزيون الحكومي رسوماً متحركة تصور المستشار الألمانية إنجيلا ميركل على شكل لاجئة، وأغنية قديمة معروفة لدى النازيين. فضلاً عن ذلك، عادة ما يستعمل بعض الصحفيين كلمة “غزو ” عند الحديث عن أزمة اللاجئين.

ومن اللافت للنظر، أن العديد من الخبراء قد نوهوا بحقيقة “كره الإسلام دون وجود الإسلام ” في بولندا.

وتعود هذه الظاهرة إلى سنة قبل أحداث “إلك”، فقد تواترت تقارير عن هجمات على طلاب أجانب أو أماكن يوجد فيها الأجانب، على غرار الأستاذ جيرزي كوشانوفسكي، الذي كان يتجول في العاصمة البولندية رفقة صديق ألماني، وكانا يتجاذبان أطراف الحديث باللغة الألمانية، وعلى أثر ذلك ألقت الشرطة البولونية القبض عليه.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة البولندية تقاعست عن اتخاذ التدابير اللازمة لمجابهة هذه الهجمات، واقتصرت تحركاتها على دعوة رئيس الوزراء البولندي، دونالد تاسك، إلى حل مجلس مكافحة التمييز العنصري وكره الأجانب. وقال المتحدث باسم الحكومة، رافائيل بوشانيك، مبرراً هذا القرار إن “هذا المجلس لم يقدم أية إضافة إيجابية”.

وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى